للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْعَسَلِ الْقَوِيِّ فَإِذَا حَلَّ وِكَاءَهُ فَانْدَفَعَ يَسِيرًا بَعْدَ يَسِيرٍ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَعْلِيَ الرَّأْسِ فَلَبِثَ زَمَانًا لَا يَنْدَفِعُ شَيْئًا مِنْهُ ثُمَّ انْدَفَعَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنِ انْدَفَعَ فِي الْحَالِ أَوْ كَانَ مُنَكَّسًا، نُظِرَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ مَالِكُهُ عَلَى اسْتِدْرَاكِ سَدِّهِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ لِمَا فِيهِ فَإِنِ اسْتَدْرَكَهُ بِالسَّدِّ لَزِمَهُ ضَمَانُ مَا خَرَجَ قَبْلَ السَّدِّ وَإِنْ تَرَكَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِدْرَاكِ سَدِّهِ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ خَرَقَ ثَوْبَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ أَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى دَفْعٍ لَزِمَهُ الضَّمَانُ، وَلَا تَكُونُ قُدْرَةُ الْمَالِكِ على الدفع اختياراً أو إبراءاً كذلك ها هنا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْقَتْلِ وَالتَّخْرِيقِ مُبَاشِرٌ وَفِي حَلِّ الْوِكَاءِ مُتَسَبِّبٌ وَالسَّبَبُ يَسْقُطُ حُكْمُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَمَرَّ بِهَا إِنْسَانٌ وَهُوَ يَرَاهَا وَيَقْدِرُ عَلَى اجْتِنَابِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى سَقَطَ فِيهَا لَنْ يَضْمَنَ الْحَافِرُ، وَلَوْ كَانَ الزِّقُّ مُسْتَعْلِيَ الرَّأْسِ وَهُوَ يَنْدَفِعُ بَعْدَ الْحَلِّ يَسِيرًا بَعْدَ يَسِيرٍ فَجَاءَ آخَرُ فَنَكَّسَهُ حَتَّى تَعَجَّلَ خُرُوجَ مَا فِيهِ فَذَهَبَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ مَا خَرَجَ قَبْلَ التنكيث وَفِيمَا خَرَجَ بَعْدَهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ضَمَانَهُ عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ ضَمَانِهِ كَالْجَارِحِينَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الثَّانِي وَحْدَهُ لِسُقُوطِ السَّبَبِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ فَصَارَ كَالذَّابِحِ بَعْدَ الْجَارِحِ يُسْقِطُ سِرَايَةَ الْجُرْحِ بِتَوْجِيهِ الذَّبْحِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا فِي الزِّقِّ جَامِدًا كَالسَّمْنِ وَالدِّبْسِ إِذَا جَمُدَ فَيَنْكَشِفَ بِحَلِّ الْوِكَاءِ أَوْ يكشف الْإِنَاءِ حَتَّى تَطْلُعَ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَيَذُوبُ وَيَذْهَبُ فَإِنْ كَانَ الزِّقُّ أَوِ الْإِنَاءُ عَلَى حَالٍ لَوْ كَانَ مَا فِيهَا عِنْدَ الْحَلِّ وَالْكَشْفِ ذَائِبًا بَقِيَ فِي زِقِّهِ وَإِنَائِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَبْقَى لَوْ كَانَ ذَائِبًا فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَوَبَانَهُ مِنْ تَأْثِيرِ الشَّمْسِ لَا مِنْ تَأْثِيرِ حَلِّهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِأَنَّ بِحَلِّهِ إِيَّاهُ وَكَشْفِهِ لَهُ أَثَّرَتْ فِيهِ الشَّمْسُ فَكَانَ الْحَلُّ أَقْوَى سَبَبٍ فَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ أَدْنَى رَجُلٌ مِنَ الْجَامِدِ نَارًا بَعْدَ كَشْفِ إِنَائِهِ وَحَلِّ وِكَائِهِ فَحُمِيَ بِهَا فَذَابَ وَذَهَبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. أَمَّا صَاحِبُ النَّارِ فَلَمْ يُبَاشِرْ بِهَا مَا يَضْمَنُ بِهِ، وَأَمَّا كَاشِفُ الإناء وحل الْوِكَاءِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ عِنْدَ فِعْلِهِ جِنَايَةٌ يَضْمَنُ بِهَا وَصَارَا كَسَارِقَيْنِ ثَقَبَ أَحَدُهُمَا الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ الْمَالَ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ هَتَكَ الْحِرْزَ وَبَهَتْكِ الْحِرْزِ لَا يجب القطع.

والثاني: أَخَذَ مَالًا غَيْرَ مُحَرَّزٍ وَأَخْذُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ فَإِنْ قِيلَ لم

<<  <  ج: ص:  >  >>