للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى غيره والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ وَقَالَ الشَّفِيعُ: خَمْسُمِائَةٍ وَلَا بَيِّنَةُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْعَقْدِ فَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَالِكٌ لِلشِّقْصِ فَلَمْ يَنْتَفِعْ مِنْهُ إِلَّا بِقَوْلِهِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا ادَّعَى مِنَ الثَّمَنِ أَخْذَهُ الشَّفِيعُ بِهِ إِنْ شَاءَ وَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي رُدِّتِ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَهُ بِمَا قَالَ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا تَحَالَفَا عَلَيْهِ كَمَا يَتَحَالَفُ الْمُتَبَايِعَانِ؟ قِيلَ: لأن كل واحد من المتبايعين مدع مدعى عَلَيْهِ فَتَحَالَفَا لِاسْتِوَائِهِمَا، وَفِي الشُّفْعَةِ الشَّفِيعُ وَحْدَهُ مُنْفَرِدٌ بِالدَّعْوَى أَنَّهُ مَالِكٌ لِلشِّقْصِ بِمَا ادَّعَى فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِتَفَرُّدِهِ بِالْإِنْكَارِ.

فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ الثَّمَنِ حُكِمَ بِهَا وَالْبَيِّنَةُ شَاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ فَإِنْ أَقَامَهَا الْمُشْتَرِي اسْتَفَادَ بِهَا سُقُوطَ الْيَمِينِ فَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ بِمَا ادَّعَى مِنَ الثَّمَنِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ بِالزِّيَادَةِ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ اسْتَفَادَ بِهَا الْحُكْمَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ بِمَا ادَّعَى مِنَ الثَّمَنِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ بِنَقْصِ الثَّمَنِ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالدَّرَكِ مَعَ أَنَّهُ عَاقِدٌ فِي الْحَالَيْنِ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِيمَا تَوَلَّى عَقْدَهُ.

فَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنَ الثَّمَنِ: فَعِنْدَ أبي حنيفة ومحمد بن الحسن إِنَّ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ أَوْلَى لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا، وَعِنْدَ أبي يوسف إِنَّ بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي أَوْلَى لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ. وَيُخَرَّجُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِسْقَاطُهُمَا بِالتَّعَارُضِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ.

وَالثَّانِي: الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ بَيِّنَتُهُ كَانَ أَوْلَى، وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْقُرْعَةِ هَلْ جَاءَتْ مُرَجِّحَةً لِلدَّعْوَى أَوْ لِلْبَيِّنَةِ.

فَصْلٌ

: فَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالْأَلْفِ عِنْدِ يَمِينِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الثَّمَنَ خَمْسُمِائَةٍ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ الشِّقْصَ بِالْأَلْفِ كَانَ بِالْخَمْسِمِائَةِ أَرْضَى، وَلَوْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِخَمْسِمِائَةٍ بِيَمِينِهِ مَعَ نُكُولِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>