للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَسْتَهْلِكْهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الشَّفِيعِ بِهِ لَا يُزِيلُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي عَنْهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ إِلَّا بِمَا يُفْضِي إِلَى إِبْطَالِ حَقِّ الشَّفِيعِ مِنَ الِاسْتِهْلَاكِ وَالْإِتْلَافِ وَلَيْسَ الْبَيْعُ اسْتِهْلَاكًا لِأَنَّهُ بَعْدَ الْبَيْعِ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ بِأَيِّ الْعَقْدَيْنِ شَاءَ.

فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي حَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَكَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَصِيرَ إِلَى حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَصْبِرُوا إِلَى حُلُولِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ مَا يَحِلُّ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُنَجَّمًا كَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا:

أَحَدُهُمَا: الشَّفِيعُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثَمَنِ مُنَجَّمٍ إِلَى آجَالِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَنْتَظِرُ حُلُولَ النُّجُومِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ، فَلَوْ حَلَّ نَجْمٌ فَقَالَ أَنَا أَدْفَعُ مَا حَلَّ فِيهِ وَآخُذُ مِنَ الشِّقْصِ بِحِصَّتِهِ مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تَعَجَّلَ الْكُلَّ أَوْ تَنْتَظِرَ حُلُولَ الْأَجَلِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنَ الشُّفْعَةِ بِتَأْخِيرِ الْأَخْذِ إِلَى حُلُولِ النُّجُومِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ مِنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ بِأَجَلٍ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ مَا حَلَّ فَصَارَ معذوراً بالتأخير.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ وَرِثَهُ رَجُلَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ ابْنَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَأَرَادَ أَخُوهُ الشُّفْعَةَ دُونَ عَمِّهِ فَكِلَاهُمَا سواءٌ لأنهما فيها شريكان (قال المزني) رحمه الله هذا أصح من أحد قوليه إن أخاه أحق بنصيبه (قال المزني) وفي تسويته بين الشفعتين على كثرة ما للعم على الأخ قضاءٌ لأحد قوليه على الآخر في أخذ الشفعاء بقدر الأنصباء ولم يختلف قوله في المعتقين نصيبين من عبدٍ أحدهما أكثر من الآخر في أن جعل عليهما قيمة الباقي منه بينهما سواءٌ إذا كانا موسرين قضى ذلك من قوله على ما وصفنا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي دَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِمَّا أَخَوَيْنِ، أَوْ أَجْنَبِيَّيْنِ مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ أَوْ بِسَبَبَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَصَارَتِ الدَّارُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِلْبَاقِي مِنَ الأخوين المالكين سهمان ولكل واحد من الْمَيِّتِ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَبَاعَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ حَقَّهُ وَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَالشُّفْعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ فِيهِ وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَخُوهُ أَوْ تَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَمِّ فِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْأَخَ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ أَخِيهِ مِنَ الْعَمِّ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا اشتركا في سبب ملكه وتميز العم عنها بسببه فكان الأخر لِمُشَارَكَتِهِ فِي السَّبَبِ أَحَقَّ بِشُفْعَةِ أَخِيهِ مِنَ الْعَمِّ الْمُنْفَرِدِ بِسَبَبِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ مِلْكَ الْأَخَوَيْنِ كَانَ مُجْتَمِعًا فِي حَيَاةِ الْأَبِ وَقَدْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الِاجْتِمَاعِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، أَلَا تَرَى لَوْ ظَهَرَ عَلَى الْأَبِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِالسَّهْمَيْنِ مَعًا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِسَهْمِ الْعَمِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>