للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ شُفْعَتَهُ بَاقِيَةٌ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ وَلِيِّهِ، وَلَهُ أَخْذُهَا بَعْدَ رُشْدِهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَظِّ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إِنَّمَا يَكُونُ لمن أخذها كَالْوَلِيِّ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَنْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مَا لَا حَظَّ لَهُ فِي أَخْذِهِ جَازَ فَلِذَلِكَ مُنِعَ الْوَلِيُّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَظِّ فِي أَخْذِهَا لِأَنَّهُ وَالٍ وَوُجُودُ الْحَظِّ مُعْتَبَرٌ فِي أَخْذِهِ وَجَازَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ إِذَا بَلَغَ رَشِيدًا أَنْ يَأْخُذَهَا مَعَ عَدَمِ الْحَظِّ فِي أَخْذِهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ وَوُجُودُ الْحَظِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي أَخْذِهِ.

فَصْلٌ

: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَوِيَ حَظُّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَتَرْكِهَا فَفِي أَخْذِ الْوَلِيِّ لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا مَا لَمْ يَظْهَرِ الْحَظُّ فِي أَخْذِهَا لِأَنَّ وُجُودَ الْحَظِّ مُعْتَبَرٌ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ أَحَظُّ مَا لَمْ يَظْهَرْ ضَرَرٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا لِاسْتِوَاءِ الْحَالَيْنِ فَعَلَى هَذَا إِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ أَخْذِهَا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مُجْبَرٌ فَتَرَكَهَا فَلِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ إِذَا بَلَغَ رَشِيدًا أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ قُلْنَا بِمَنْعِهِ مِنْ أَخْذِهَا فَهَلْ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا بَعْدَ رُشْدِهِ عَلَى ما ذكرنا من الوجهين.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَإِنِ اشْتَرَى شِقْصًا عَلَى أَنَّهُمَا جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فَلَا شُفْعَةَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْبَائِعُ (قَالَ) وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ مَا يَثْبُتُ مِنَ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

خِيَارِ عَقْدٍ، وَخِيَارِ شَرْطٍ، وَخِيَارِ رُؤْيَةٍ، وَخِيَارِ عَيْبٍ:

أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَهُوَ خِيَارُ الْعَقْدِ وَهُوَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَلَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الشُّفْعَةَ إِلَّا بَعْدَ نَقْضِهِ بِالِافْتِرَاقِ عَنْ تَمَامٍ وَإِمْضَاءٍ، وَسَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ الْمِلْكَ مُنْتَقِلٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ أَوْ بِالِافْتِرَاقِ مَعَ تَقْدِيمِ الْعَقْدِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْفَسْخِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ عَقْدُ الْمُشْتَرِي فَأَوْلَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ، فَإِذَا افْتَرَقَا عَنْ تَمَامٍ وَإِمْضَاءٍ اسْتَحَقَّ الشَّفِيعُ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، وَبِمَاذَا يَصِيرُ الشَّفِيعُ مَالِكًا لَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ من اختلاف أقاويله في انتقال الملك.

أحدهما: أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنْ مُنِعَ مِنَ الْأَخْذِ إِلَّا بِالِافْتِرَاقِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ إِنَّ الْمِلْكَ مُنْتَقِلٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلشُّفْعَةِ بِافْتِرَاقِهِمَا عَنْ تَرَاضٍ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ إِنَّ الْمِلْكَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَالِافْتِرَاقِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ مِلْكَ الشُّفْعَةِ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إِبْرَامِ الْعَقْدِ وَإِمْضَائِهِ فَتَمَامُهُ يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>