للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا غَرِمَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ غُرْمُ الْمُشْتَرِي لَهَا بِغَيْبَةٍ أَوْ عُسْرٍ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ أَخْذَهَا مِنَ الشَّفِيعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَهَا مِنْهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهَا؛ لِوُجُوبِهَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِقْرَارِ الشَّفِيعِ بِهَا لِغَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَحِقُّ أَخْذَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ مُنْتَقِلٌ إِلَيْهِ وَثَمَنَهُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُكَذِّبًا لِلْبَائِعِ تَحَالَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَلَمْ تَبْطُلِ الشُّفْعَةُ لِتَحَالُفِهِمَا، سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ بِالتَّحَالُفِ أَوْ لَا يَبْطُلُ؛ لِاسْتِقْرَارِ الشِّقْصِ عَلَى مِلْكِ الشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِخِلَافِ مَا مَضَى مِنْ تَحَالُفِهِمَا قَبْلَ الْأَخْذِ، ثُمَّ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ إِحْلَافَ الشَّفِيعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ غُرْمِهِ إن صدق.

[فصل]

: والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكْذِبَ الْمُشْتَرِي وَيُقِيمَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ فَيَحْكُمَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ، وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ أَخَذَ الشِّقْصَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ حُكِمَ بِهَا عَلَى الشَّفِيعِ دُونَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي حُكِمَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي عُهْدَةِ الْمَبِيعِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ فِي أَصْلِهِ، فَإِذَا حُكِمَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعِ الْمُشْتَرِي بِهَا عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ مظلوم بها وأن الشفيع برئ مِنْهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ أَنْ تُؤْخَذَ مِنَ الشَّفِيعِ إِنْ كَانَ مُكَذَّبًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ بِهَا قَائِمَةٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ إِنْ كَانَ مُصَدَّقًا؟ عَلَى ما مضى من الوجهين.

[فصل]

: والحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يَصْدُقَ الْمُشْتَرِي وَيُقِيمَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ فَتُؤْخَذَ الزِّيَادَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجَعُ الْمُشْتَرِي بِهَا عَلَى الشَّفِيعِ إِنْ كَانَ قَدْ عَاقَدَ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ أبو حنيفة رَجَعَ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبَيِّنَةٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ إقرار أَثْبَتُ مِنْ بَيِّنَتِهِ وَقَدْ أَقَرَّ مُبْتَدِئًا بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ فَصَارَ مُكَذِّبًا لِبَيِّنَتِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَرْجِعِ الْمُشْتَرِي بِهَا عَلَى الشَّفِيعِ مَعَ إِنْكَارِهِ إِنْ كَانَ عَاقَدَ بِنَفْسِهِ، وَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا إِنْ كَانَ مُسْتَنِيبًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْجِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُزَنِيِّ.

فَصْلٌ

: وَلَوِ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ رَدَّ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَائِبٌ جَازَ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يُؤْخَذَ الثَّمَنُ مِنَ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ إِحْلَافِهِ لِلْمُشْتَرِي بِاللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُ لَعَلَى حَقِّهِ مِنَ الشُّفْعَةِ، وَيُدْفَعَ عَنِ الْمُشْتَرِي إِلَى الْبَائِعِ بَعْدَ إِحْلَافِهِ لِلْمُشْتَرِي بِاللَّهِ أَنَّ الثمن باق

<<  <  ج: ص:  >  >>