للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ عَلِمَاهُ نُظِرَ فَإِنْ قُدِّرَتْ وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا نُظِرَ.

فَإِنْ جَهِلَا تَخْفِيفَهَا فِي الْخَطَأِ أو تغليظهما فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَالشُّفْعَةُ، وَإِنْ عَلِمَا تَخْفِيفَهَا فِي الْخَطَأِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى دِيَتِهَا وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَخَمْسُونَ دِينَارًا مِنَ الذَّهَبِ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، أَوْ عَلِمَا تَغْلِيظَهَا فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ فِي الْوَرَقِ، وَالذَّهَبِ صَحَّ الصُّلْحُ، وَوَجَبَتِ الشُّفْعَةُ فِي الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ بِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ مِنَ الدَّرَاهِمِ إِنْ قُدِّرَتْ بِهَا تَخْفِيفًا أَوْ تَغْلِيظًا، أَوْ مِنَ الدَّنَانِيرِ إِنْ قُدِّرَتْ بِهَا تَخْفِيفًا أَوْ تَغْلِيظًا.

وَإِنْ كَانَتِ الدِّيَةُ إِبِلًا وَهِيَ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ أَخْمَاسٌ فِي تَخْفِيفِ الْخَطَأِ أَوْ أَثْلَاثٌ فِي تَغْلِيظِ شِبْهِ الْعَمْدِ نُظِرَ: فَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهَا أَوْ عَلِمَا الْقَدْرَ وَجَهِلَا وَصْفَهَا، أَوْ عَلِمَا الْقَدْرَ وَالصِّفَةَ وَجَهِلَا جِنْسَهَا لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ جِنْسِ إِبِلِ الْجَانِي وَعَاقِلَتِهِ، فَالصُّلْحُ وَالشُّفْعَةُ بَاطِلَانِ.

وَإِنْ عَلِمَا الْقَدْرَ وَالصِّفَةَ وَالْجِنْسَ فَفِي صِحَّةِ الصُّلْحِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصُّلْحَ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَوْصُوفَةِ الْأَلْوَانِ وَلَا مَضْبُوطَةٍ فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا فِي عَقْدٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَالشُّفْعَةَ فِيهِ وَاجِبَةٌ لِثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ عَلَى صِفَةٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهَا فِي أَقَلِّ أَوْصَافِهَا الَّتِي تُوجِبُ قَبُولَهَا فَلَا يُقَوَّمُ سِمَانُهَا وَخِيَارُهَا، لِأَنَّ الْجَانِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا وَلَا يُقَوَّمُ مهازيلها ومعيبها، لأن المجني علي لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي فِي الْأَصْلِ: أَنْ تَكُونَ الْمُوضِحَةُ مُوجِبَةً لِلْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ فَيُصَالِحَهُ مِنَ الْقَوَدِ عَلَى شِقْصٍ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ جِنَايَةَ الْعَمْدِ تُوجِبُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ عَقْلٍ فَالْكَلَامُ فِيهِ على ما مضى من علمها بِقَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ جَهْلِهِمَا بِهِ، وَإِنْ قِيلَ إِنَّ جِنَايَةَ الْعَمْدِ تُوجِبُ الْقَوَدَ وَحْدَهُ صَحَّ الصُّلْحُ مِنْهُ عَلَى الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ عَنْهُ مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الدِّيَةِ، وَالْجَهْلِ بِهِ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عن القود المصالح الَّذِي يَصِحُّ أَخْذُ الْبَدَلِ عَنْهُ ثُمَّ لِلشَّفِيعِ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَهُ بِبَدَلِ الْقَوَدِ مِنَ الدِّيَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الدِّيَةِ عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ فِي أَخْذِ أَجْنَاسِهَا مُغَلَّظَةً فِي الْعَمْدِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا حَضَرَ رَجُلٌ مَغْنَمًا فَأَعْطَاهُ الْإِمَامُ لِحُضُورِهِ شِقْصًا مِنْ دَارٍ، وَطَالَبَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَخْلُ حَاضِرُ الْمَغْنَمِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَهُ بِرَضْخٍ أَوْ سَهْمٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهُ رَضْخًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ، لِأَنَّ الرَّضْخَ بِحُضُورِهِ تَبَرُّعٌ كَالْهِبَاتِ، وَإِنْ أَخَذَهُ بِسَهْمٍ مُسْتَحَقٍّ فَفِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا شُفْعَةَ فِيهِ، لِأَنَّ الْغَنَائِمَ مُسْتَفَادَةٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ فَأَشْبَهَتْ إِحْيَاءَ الْمَوَاتِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ ثَابِتَةٌ، لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَاضَهُ عَنْ حُضُورٍ وَعَمَلٍ فَأَشْبَهَ الْعِوَضَ فِي الْإِجَارَاتِ فَعَلَى هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقَدْرِ سَهْمِهِ مِنَ المغنم.

<<  <  ج: ص:  >  >>