للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ فِي الْمُقَامِ عَلَى قِرَاضِ أَبِيهِمْ كَانَ ذَلِكَ عَقْدًا مُبْتَدَأً، فَلَا يَخْلُو حَالُهُمْ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونُوا عالمين بقدر المال، أو جاهلين له.

فَإِنْ كَانُوا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِهِ صَحَّ الْقِرَاضُ إِنْ كَانُوا أَهْلَ رُشْدٍ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرِكَةِ مَيِّتِهِمْ دُيُونٌ وَلَا وَصَايَا.

وَإِنْ كَانُوا بِخِلَافِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إِذْنُهُمْ.

ثُمَّ إِذَا صَحَّ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ لِلْعَامِلِ فِيهِ رِبْحٌ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ. فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَكُلُّ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ قِرَاضُ لِوَرَثَةِ رَبِّهِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّهِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي الْمَالِ بِحِصَّتِهِ مِنْ رِبْحِهِ، وَيَخْتَصُّ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ فَضْلِهِ، وَمُضَارِبٌ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ بِمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ جَاهِلِينَ بِقَدْرِ الْمَالِ عِنْدَ إِذْنِهِمْ لَهُ بِالْقِرَاضِ فَفِيهِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ نَذْكُرُهُمَا مِنْ بَعْدُ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِرَاضَ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ بِمَالٍ مَجْهُولٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقِرَاضَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ.

وَإِنْ كَانَ مَالُ الْقِرَاضِ عِنْدَ مَوْتِ رَبِّهِ عَرْضًا فَلِلْعَامِلِ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ الْوَرَثَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ الْمَاضِي وَلَيْسَ الشِّرَاءُ مِنْ حُقُوقِهِ إِلَّا بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ.

فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَرَثَةُ فِي الْمُقَامِ عَلَى قِرَاضِ أَبِيهِمْ:

فَإِنْ كَانَ بَعْدَ بَيْعِهِ لِلْعَرْضِ فَقَدْ صَارَ الثَّمَنُ نَاضًّا فَيَكُونُ كَإِذْنِهِمْ لَهُ بِالْقِرَاضِ وَالْمَالُ نَاضٌّ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ بَيْعِ الْعَرْضِ فَفِي جَوَازِ الْقِرَاضِ وَجْهَانِ خَرَجَ مِنْهُمَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ الْقِرَاضَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ عَقْدَهُ بِالْعَرْضِ بَاطِلٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: إِنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ اسْتِصْحَابٌ لِعَقْدٍ جَائِزٍ.

فَصْلٌ

: وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنْهُمَا هُوَ الْعَامِلُ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ أَنْ يَبِيعَ وَلَا يَشْتَرِيَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ نَاضًّا أَوْ عَرْضًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ رَبُّ الْمَالِ فَيَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَارِثَ وَبَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الْعَامِلُ فَلَا يَجُوزَ لِوَارِثِهِ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ: إِنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ قَدْ أَوْجَبَ ائْتِمَانَ الْعَامِلِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>