للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نُقْصَانٍ مِنْهُ، فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ وَلَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِيهِ لِعَدَمِ رِبْحِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ رَأْسَ مَالِهِ ثُمَّ الْعَامِلُ شَرِيكُهُ فِي رِبْحِهِ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِهِ فِي عَقْدِهِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ.

فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ بَعْدَ أَنْ صَارَ نَاضًّا نُظِرَ فِيهِ:

فَإِنْ كَانَا قَدْ عَيَّنَا حَقَّ الْعَامِلِ مِنْهُمَا فِيهِ كَانَ التَّالِفُ مِنْهُ تَالِفًا مِنْهُمَا بِالْحِصَصِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا قَدْ عَيَّنَا حَقَّ العامل فيه فالتلف مِنْهُ تَالِفٌ مِنَ الرِّبْحِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الرِّبْحَ قَبْلَ أَنْ يَتَعَيَّنَ مِلْكُ الْعَامِلِ لَهُ مُرْصَدٌ لِجُبْرَانِ رَأْسِ الْمَالِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِمَّا بِخُسْرَانٍ قَدْ حَصَلَ فِي الْمَالِ أَوْ لِحَادِثٍ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَائِدًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ دُونَ الْعَامِلِ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَعُودُ عَلَيْهِمَا وَالْخُسْرَانُ مُخْتَصٌّ بِرَبِّ الْمَالِ مِنْهُمَا.

فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا كَانَ الْخُسْرَانُ عَلَيْهِمَا كَمَا كَانَ الرِّبْحُ لَهُمَا؟

قِيلَ: هُمَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ وَإِنْ عَادَ الخسران على رب المال، لأنه الْخُسْرَانَ يَعُودُ إِلَيْهِ إِلَى مَا تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْقِرَاضِ مِنْهُمَا، وَالْقِرَاضُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ عَمَلًا مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ، وَمَالًا مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْمَالِ، فَعَادَ الْخُسْرَانُ عَلَى الْعَامِلِ بِذَهَابِ عَمَلِهِ، وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ بِذَهَابِ مَالِهِ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَا فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ تَحَمُّلَ الْعَامِلَ لِلْخُسْرَانِ كَانَ الْقِرَاضُ بَاطِلًا لِاشْتِرَاطِهِمَا خِلَافَ مُوجِبِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا شَرَطَا جَمِيعَ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا فَهُمَا مسألتان:

أحدها: أَنْ يَشْتَرِطَا جَمِيعَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ. وَالثَّانِيَةُ: أن يشترطا جميع الربح للعامل. فأما إذا اشْتَرَطَا جَمِيعَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ نُظِرَ فِيهِ.

فَإِنْ لَمْ يَقُلْ رَبُّ الْمَالِ عِنْدَ دَفْعِهِ أَنَّهُ قِرَاضٌ، وَلَكِنَّهُ قَالَ خُذْهُ فَاشْتَرِ بِهِ وَبِعْ وَلِي جَمِيعَ الرِّبْحِ فَهَذِهِ اسْتِعَانَةٌ بِعَمَلِهِ وَلَيْسَ بِقِرَاضٍ وَالْعَامِلُ مُتَطَوِّعٌ بِعَمَلِهِ فِيهِ وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ فِي عَمَلِهِ.

وَإِنْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِي فَهَذَا قِرَاضٌ فَاسِدٌ، وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ إِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ، لِأَنَّهُ مَعَ الرِّضَا بِأَنْ لَا رِبْحَ لَهُ مُتَطَوِّعٌ بِعَمَلِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ إِنَّ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِعَمَلِهِ فِي قِرَاضٍ فَاسِدٍ، فَصَارَ كَالْمَنْكُوحَةِ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ تَسْتَحِقُّ مَعَ الرِّضَا بِذَلِكَ مهل المثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>