للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمَّا اخْتَصَّ بِبَعْضِ الْمَالِ الْمُزَكَّى وَهُوَ الْأَصْلُ اخْتَصَّ بِتَحَمُّلِ الزَّكَاةِ عَنِ الْكُلِّ.

وَكَمَا لَمْ يَخْتَصَّ رَبُّ الْمَالِ بِشَيْءٍ مِنَ الثَّمَرَةِ لَمْ يَتَحَمَّلْ زَكَاةَ كُلِّ الثَّمَرَةِ.

وَالْفَرْقُ الثَّانِي: أَنَّ نَصِيبَ الْعَامِلِ مِنْ رِبْحِ الْمَالِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِجَوَازِ أَنْ يَجْبُرَ بِهِ مَا حَدَثَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَصْلِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاتُهُ، وَنَصِيبُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ مُسْتَقِرٌّ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَهُمَا، وَالتَّالِفَ مِنْهَا يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَمَتَى شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ مَالَهُ وَمَتَى أَرَادَ الْعَامِلُ الْخُرُوجَ مِنَ الْقِرَاضِ فَذَلِكَ لَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَوْفَاةً وَذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمُقَامِ عَلَى الْقِرَاضِ أَوْ فَسْخِهِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ، بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ اللَّازِمَةِ، لِأَنَّ الثَّمَرَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ مُؤَقَّتَةٌ إِلَى مُدَّةٍ لَوْ لَمْ يَلْزَمِ الْعَقْدُ فِيهَا لَفَسَخَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ عَمَلِ الْعَامِلِ فَيَجْمَعُ لِنَفْسِهِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالثَّمَرَةِ، وَيَخْرُجُ الْعَامِلُ بِفَوْتِ الْعَمَلِ بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ، فَلِذَلِكَ لَزِمَتْ.

وَلَيْسَ الْقِرَاضُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِمُدَّةٍ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِأَقَلِّ عَمَلٍ وَبِأَقْرَبِ مُدَّةٍ، وَإِذَا فَسَخَ أَمْكَنَ الْعَامِلَ اسْتِدْرَاكُ عَمَلِهِ بِبَيْعِ مَا ابْتَاعَهُ فَلَا يَفُوتُهُ رِبْحُهُ فلذلك لم يلزم.

مسائل المزني

قال المازني رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَهَذِهِ مَسَائِلُ أَجَبْتُ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ وَقِيَاسِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ".

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الْمُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " مِنْ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ خُذْهَا فَاشْتَرِ بِهَا هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا بِالنِّصْفِ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فَإِنِ اشْتَرَى فجائزٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِنْ بَاعَ فباطلٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مَا قَالَ.

إِذَا دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إِلَى الْعَامِلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: اشْتَرِ بِهَا هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا بِالنِّصْفِ كَانَ فَاسِدًا بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ فساده على ثلاثة أوجه:

أحدهما: أَنَّ عِلَّةَ فَسَادِهِ أَنَّهُ قَالَ فَاشْتَرِ بِهَا هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا فَلَمْ يُبَيِّنْ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ من

<<  <  ج: ص:  >  >>