للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

إِذَا دَفَعَ الْمَالَ قِرَاضًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ فِي الرِّبْحِ قَدْرًا وَجَعَلَهُ مَحْمُولًا عَلَى مِثْلِ مَا قَارَضَ بِهِ زَيْدٌ عَمْرًا فَإِنْ عَلِمَا مَا تَقَارَضَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو عَلَيْهِ صَحَّ قِرَاضُهُمَا لِأَنَّهُمَا عَقَدَاهُ بِمَعْلُومٍ مِنَ الرِّبْحِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَى مِثْلِ مَا قَارَضَ بِهِ زَيْدٌ عَمْرًا وَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُمَا تَقَارَضَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلِذَلِكَ صَحَّ الْقِرَاضُ فِي الْحَالَيْنِ.

وَإِنْ جَهِلَا مَا قَارَضَ بِهِ زَيْدٌ عَمْرًا كَانَ الْقِرَاضُ بَاطِلًا لِجَهْلِهِمَا بِقَدْرِهِ، وَالْجَهَالَةُ بِقَدْرِ الرِّبْحِ مُبْطِلَةٌ لِلْقِرَاضِ.

فَإِنْ عَلِمَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَقَارَضَ عَلَيْهِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لَمْ يَصِحَّ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا.

وَهَكَذَا لَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا حَالَ الْعَقْدِ وَجَهِلَهُ الْآخَرُ لَمْ يَصِحَّ الْقِرَاضُ لِأَنَّ جَهْلَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْعِوَضِ كَجَهْلِهِمَا مَعًا بِهِ.

فَلَوْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا عَلَى مَا يُقَارِضُ بِهِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو كَانَ بَاطِلًا، لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ يُقَارِضُ عَمْرًا وَقَدْ لَا يُقَارِضُهُ، وَقَدْ يُقَارِضُهُ عَلَى قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: خُذْهُ قِرَاضًا عَلَى مَا يُوَافِقُكَ عَلَيْهِ زَيْدٌ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَكُونُ مِنْ مُوَافَقَتِهِ.

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَكَ مِنَ الرِّبْحِ مَا يَكْفِيكَ أَوْ يُقْنِعُكَ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهْلِ بِكِفَايَتِهِ وَقَنَاعَتِهِ.

فَإِنِ اشْتَرَى وَبَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا صَحَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ، وَكَانَ جَمِيعُ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.

[مسألة]

قال المزني رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَإِنْ قَارَضَهُ بِأَلْفِ درهمٍ عَلَى أَنَّ ثُلُثَ رِبْحِهَا لِلْعَامِلِ وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ فَثُلُثُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ فجائزٌ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ معلومةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

إِذَا كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ مَعْلُومًا صَحَّ بِهِ الْقِرَاضُ وَإِنْ بَعُدَ وَطَالَ، فَإِذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ، لَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ، وَمَا بَقِيَ فَلِي ثُلُثُهُ وَثُلُثَاهُ لَكَ صَحَّ الْقِرَاضُ وَكَانَ لِلْعَامِلِ سَبْعَةُ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ، وَلِرَبِّ الْمَالِ تُسْعَانِ لِأَنَّ مَخْرَجَ الثَّلَاثَةِ تِسْعَةٌ، وَهُوَ مَضْرُوبُ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ، فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ بِالثُّلُثِ مِنَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ بِثُلُثَيْ مَا بَقِيَ مِنَ التِّسْعَةِ أَرْبَعَةٌ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ سَبْعَةَ أَتْسَاعٍ، وَيَبْقَى لِرَبِّ الْمَالِ تُسْعَانِ.

غَيْرَ أَنَّنَا نَسْتَحِبُّ لَهُمَا أَنْ يَعْدِلَا عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْغَامِضَةِ إِلَى مَا يُعْرَفُ عَلَى الْبَدِيهَةِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، لِأَنَّ هَذِهِ عِبَارَةٌ قَدْ تُوضَعُ لِلْإِخْفَاءِ وَالْإِغْمَاضِ كَمَا قَالَ الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>