للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَخْلَةٍ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ ثَمَرَةَ سَنَةٍ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ عَيَّنَ السَّنَةَ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهَا لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا كَانَتْ مَجْهُولَةً، وَإِنْ عَيَّنَهَا فَقَدْ شَرَطَ جَمْعَ الثَّمَرَةِ فِيهَا.

وَلَوْ جَعَلَ لَهُ نِصْفَ الثَّمَرَةِ فِي سَنَةٍ مِنَ السِّنِينَ الْعَشَرَةِ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا بَطَلَتِ الْمُسَاقَاةُ لِلْجَهْلِ بِهَا وَإِنْ عَيَّنَهَا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتِ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهُ قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ بَعْدَ حَقِّهِ مِنَ الثَّمَرَةِ عَمَلًا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا، وَإِنْ كَانَتِ السَّنَةُ الْأَخِيرَةُ فَفِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا صَحِيحَةٌ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ فِي بَعْضِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهَا مُدَّةً تُثْمِرُ فِيهَا وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ ثَمَرِهَا وَبِهَذَا الْمَعْنَى خَالَفَ السَّنَةَ الْوَاحِدَةَ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ فَاطَّلَعَتْ ثَمَرَةُ السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ بَعْدَ تَقَضِّيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ فِي ثَمَرَةِ تِلْكَ السَّنَةِ حَقٌّ لِتَقَضِّيَ مُدَّتِهِ وَزَوَالِ عَقْدِهِ، وَلَوِ اطَّلَعَتْ قَبْلَ تَقَضِّي تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ تَقَضَّتْ وَالثَّمَرَةُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَهِيَ بَعْدُ طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ كَانَ لَهُ حَقُّهُ مِنْهَا لِحُدُوثِهَا فِي مُدَّتِهِ، فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ أَجِيرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهَا طَلْعًا أَوْ بَلَحًا وَلَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إِلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ شَرِيكٌ كَانَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهَا إِلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَتَنَاهِي الثَّمَرَةِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا سَاقَاهُ عَلَى النَّخْلِ فَاطَّلَعَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْعَامِلِ لَهَا وَقَبْلَ عَمَلِهِ فِيهَا اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ مِنْ تِلْكَ الثَّمَرَةِ لِحُدُوثِهَا فِي يَدِهِ، وَلَوِ اطَّلَعَتْ قَبْلَ قَبْضِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ أَجِيرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تِلْكَ الثَّمَرَةِ نَصِيبٌ لِارْتِفَاعِ يَدِهِ، وَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ شَرِيكٌ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ مِنْ تِلْكَ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعَقْدِ حَادِثَةٌ عَنْ مِلْكِهِمَا وَعَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِثْلَ مَا اسْتُحِقَّ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فيها والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا سَاقَاهُ عَلَى نخلٍ وَكَانَ فِيهِ بياضٌ لَا يُوصَلُ إِلَى عَمَلِهِ إِلَّا بِالدُّخُولِ عَلَى النَّخْلِ وَكَانَ لَا يُوصَلُ إِلَى سَقْيِهِ إِلَّا بِشِرْكِ النَّخْلِ فِي الْمَاءِ فَكَانَ غَيْرَ متميزٍ جَازَ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَيْهِ مَعَ النَّخْلِ لَا مُنْفَرِدًا وَحْدَهُ وَلَوْلَا الْخَبَرُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ دَفَعَ إِلَى أَهْلِ خيبرٍ النَّخْلَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ النِّصْفَ مِنَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَلَهُ النِّصْفَ وَكَانَ الزَّرْعُ كَمَا وَصَفْتُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّخْلِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالْمُخَابَرَةُ هِيَ دَفْعُ الْأَرْضِ إِلَى مَنْ يَزْرَعُهَا عَلَى الشَّطْرِ مِنْ زَرْعِهَا، فَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ فِيهَا بَيَاضٌ فَسَاقَاهُ عَلَى النَّخْلِ وَخَابَرَهُ عَلَى الْبَيَاضِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْبَيَاضُ مُنْفَرِدًا عَنِ النَّخْلِ وَيُمْكِنُ سَقْيُ النَّخْلِ وَالتَّوَصُّلُ إِلَى صَلَاحِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْبَيَاضِ وَلَا تَصَرُّفَ فِيهِ فَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَلَّ الْبَيَاضُ أو

<<  <  ج: ص:  >  >>