للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا عَلَى جزءٍ معلومٍ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. فَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى مَا يَكْفِيهِ أَوْ مَا يُرْضِيهِ بِطَلَبِ الْمُسَاقَاةِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْهَا، إِذْ قَدْ لَا يُرْضِيهِ إِلَّا جَمِيعُهَا، وَلَا يَكْفِيهِ إِلَّا أَكْثَرُهَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا صَحَّتِ الْمُسَاقَاةُ مَعَ الْجَهَالَةِ بِقَدْرِ الثَّمَرَةِ فَهَلَّا صَحَّتْ مَعَ الْجَهَالَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ؟ قِيلَ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِقَدْرِ مَا يَحْدُثُ مِنَ الثَّمَرَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَالْعِلْمَ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْهَا مُمْكِنٌ فَاعْتُبِرَ.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ ثَمَرَ نخلاتٍ بِعَيْنِهَا مِنَ الْحَائِطِ لَمْ يَجُزْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ يُوجِبُ اشْتِرَاكَ الْعَامِلِ وَرَبِّ النَّخْلِ فِي الثَّمَرَةِ فَإِذَا عَقَدَاهَا عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا مِنْهَا أَفْضَى إِلَى أَنْ يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ دُونَ صَاحِبِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا تَحْمِلَ تِلْكَ النَّخَلَاتُ فَيَنْصَرِفَ الْعَامِلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا تِلْكَ النَّخَلَاتُ وَحْدَهَا، فَيَنْصَرِفَ رَبُّ الْمَالِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَلِذَلِكَ بَطَلَ.

فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى تِلْكَ النَّخَلَاتِ بِعَيْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ النَّخْلِ كُلِّهِ - وَإِنْ جَازَ أَنْ تَحْمِلَ أَوْ لَا تَحْمِلَ - فَهَلَّا جَازَ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى جَمِيعِهَا بِثَمَرِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ بِعَيْنِهَا - وَإِنْ جَازَ أَنْ تَحْمِلَ أَوْ لَا تَحْمِلَ - قِيلَ لِأَنَّهُ إِذَا أَفْرَدَ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ بتلك النخلات بعينها تساويا فيها - وحملت أَوْ لَمْ تَحْمِلْ - وَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى جَمِيعِهَا بِثَمَرِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ فَقَدْ يَتَفَاضَلَانِ فِيهَا - إن حملت أو لم تحمل -.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وكذلك لو اشترط عن صَاحِبِهِ صَاعًا مِنْ تمرٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ أَحَدِهِمَا الصَّاعَ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَرَةِ يُفْضِي إِلَى الْجَهَالَةِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَهَالَةِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الصَّاعِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا تَحْمِلَ النَّخْلُ إِلَّا ذَلِكَ الصَّاعَ، وَإِذَا بَطَلَتَا لِمُسَاقَاةٍ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِمَا وَصَلْنَا كَانَتِ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِرَبِّ النَّخْلِ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عمل.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ دَخَلَ فِي النَّخْلِ عَلَى الْإِجَارَةِ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ وَيَحْفَظَ بشيءٍ مِنَ التَّمْرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ فَالْإِجَارَةُ فاسدةٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>