للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إِنْ أُلْحِقَتْ بِالْإِجَارَاتِ فَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَاتِ جَائِزٌ، وَإِنْ أُلْحِقَتْ بِالْبِيَاعَاتِ فَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبِيَاعَاتِ جَائِزٌ.

وَخَالَفَتِ الْمُسَاقَاةُ الْكِتَابَةَ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَأَرَادَا كِتَابَتَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَفَاضَلَا فِي الْعِوَضِ حَتَّى يَكُونَا فِيهِ سَوَاءً.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَسْبِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْمِلْكِ فَلَمَّا تَسَاوَيَا فِي الْمِلْكِ وَالْكَسْبِ وَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعِوَضِ، وَلَيْسَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنَ الثَّمَرَةِ مُسْتَحَقًّا بِالْمِلْكِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَمَلِ فَجَازَ أَنْ يَتَفَاضَلَا فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَرَةَ إِذَا اسْتَحَقَّهَا الشَّرِيكَانِ بِالْمِلْكِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَفَاضَلَا فِيهَا كَالْكِتَابَةِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ مَسَاقَاتِهَا عَلَى التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهَا وَجَعَلَا لَهُ النِّصْفَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ، سَوَاءٌ عَلِمَ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ النَّخْلِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ، لِأَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ مَعْلُومٌ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بِثَمْنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حِصَصَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ صَحَّ الْبَيْعُ.

وَإِنْ تَفَاضَلَا فِيهَا وَجَعَلَا لَهُ النِّصْفَ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا، وَالثُّلُثَ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ، فَإِنْ عَلِمَ الْعَامِلُ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ النَّخْلِ صَحَّتِ الْمُسَاقَاةُ، وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ بَطَلَتْ لِجَهْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّمَرَةِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا كانت النخل كُلُّهَا لِوَاحِدٍ فَسَاقَى عَلَيْهَا رَجُلَيْنِ جَازَ، سَوَاءٌ تساوى بَيْنَهُمَا أَوْ فَاضَلَ كَمَا جَازَ لِلرَّجُلَيْنِ مُسَاقَاةُ الواحد على مساوا عَلَيْهَا رَجُلَيْنِ جَازَ، بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَامِلَيْنِ رُبُعُ الثَّمَرَةِ فَقَدْ سَاوَى بَيْنَهُمَا، وَإِنْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا الرُّبْعَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ فَقَدْ فَاضَلَ، وَالْمُسَاقَاةِ جَائِزَةٌ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ بِأُجْرَةٍ مُتَفَاضِلَةٍ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الْمُزَنِيُّ رحمه الله تعالى: " وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى حائطٍ فِيهِ أصنافٌ مِنْ دَقَلٍ وعجوةٍ وَصَيْحَانِيٍّ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنَ الدَّقَلِ النِّصْفَ وَمِنَ الْعَجْوَةِ الثُّلُثَ وَمِنَ الصَّيْحَانِيِّ الرُّبُعَ وَهُمَا يَعْرِفَانِ كُلَّ صنفٍ كَانَ كَثَلَاثَةِ حَوَائِطَ معروفةٍ وَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا كُلَّ صنفٍ لَمْ يَجُزْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا جَمَعَ الْحَائِطُ أَصْنَافًا مِنَ النَّخْلِ فَسَاقَاهُ عَلَى جَمِيعِهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ سَائِرِ أَصْنَافِهَا جَازَ، وَلَوْ خَالَفَ بَيْنَ أَصْنَافِهَا فَسَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْبَرْنِيِّ وَعَلَى الثُّلُثِ مِنَ الْمَعْقِلِيِّ وَعَلَى الرُّبْعِ مِنَ الْإِبْرَاهِيمِيِّ نُظِرَ فَإِنْ علما قدر كل صِنْفٍ مِنْهَا جَازَ، وَصَارَ كَثَلَاثَةِ حَوَائِطَ سَاقَاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى النِّصْفِ وَمِنَ الْآخَرِ عَلَى الثُّلُثِ وَمِنَ الْآخَرِ عَلَى الرُّبْعِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَمَيَّزَ النَّخْلُ بِبِقَاعِهَا وَبَيْنَ أَنْ تَتَمَيَّزَ بِأَصْنَافِهَا.

وَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا قد ركل صِنْفٍ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ، وَكَانَتِ الْمُسَاقَاةُ بَاطِلَةً لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ثَمَرِهَا وَصَارَ كَمَا لَوْ سَاقَاهُ مِنْ ثَلَاثَةِ حَوَائِطَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَحَدِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>