للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ قَالَ رَبُّ النَّخْلِ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ وَلِي نِصْفَهَا وَأَغْفَلَ ذِكْرَ السُّدْسِ الْبَاقِي غُلِّبَ فِي ذَلِكَ بَيَانُ نَصِيبِ الْعَامِلِ إِذْ لَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى، وَصَحَّتِ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ وَأَغْفَلَ ذِكْرَ الْبَاقِي كُلِّهِ صَحَّتِ الْمُسَاقَاةُ، فَإِذَا أَغْفَلَ بَعْضَهُ كَانَتِ الْمُسَاقَاةُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَكَانَ مَا سِوَى ثُلُثِ الْعَامِلِ مِنَ النِّصْفِ الْمُسَمَّى وَالسُّدْسِ الْبَاقِي لِرَبِّ النَّخْلِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يُبَيِّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ وَلَا نَصِيبَ الْعَامِلِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ " قَدْ سَاقَيْتُكَ " فَالْمُسَاقَاةُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ قَدْ تَخْتَلِفُ، فَصَارَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا مُفْضِيًا إِلَى جَهَالَةٍ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا، فَعِنْدَ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ صَحِيحَةٌ، وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّمَرَةِ يُوجِبُ تَسَاوِيَهُمَا فِيهَا.

وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بينهما على تساوي وَتَفَاضُلٍ فَلَمْ يَكُنْ حَمْلُهَا عَلَى التَّسَاوِي فِي الْإِطْلَاقِ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى التَّفَاضُلِ فَبَطَلَتْ.

[مسألة]

قال المزني رحمه الله تعالى: " وَلَوْ كَانَتِ النَّخْلُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَسَاقَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ ثُلُثَيِ الثَّمَرَةِ مِنْ جَمِيَعِ النَّخْلِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ كَانَ جَائِزًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَهُ سَاقَى شَرِيكَهُ فِي نِصْفِهِ عَلَى ثُلُثِ ثَمَرَتِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا كَانَتْ النَّخْلُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَسَاقَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَلَهُ الثُّلُثَانِ مِنْ جَمِيعِ ثَمَرِهَا فَهَذِهِ مُسَاقَاةٌ جَائِزَةٌ لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا وَعَمَلًا فَكَانَ لَهُ النِّصْفُ بِالْمِلْكِ وَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ بِالْعَمَلِ. فَاخْتَصَّتِ الْمُسَاقَاةُ بِالثُّلُثِ مِنْ حَقِّ الشَّرِيكِ وَهُوَ النِّصْفُ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْكُلِّ.

وَمِثْلُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ أَلْفٌ بَيْنِ شَرِيكَيْنِ ضَارَبَهُ عَلَيْهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَحْدَهُ وَلَهُ الثُّلُثَانِ مِنَ الرِّبْحِ، فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ جَائِزَةً، وَهِيَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ بِالْمِلْكِ وَالسُّدْسَ الزَّائِدَ بالعمل.

سألة

قال المزني رحمه الله تعالى: " وَلَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ الثُّلُثَ وَلِصَاحِبِهِ الّثُلُثَيْنِ لَمْ يَجُزْ كَرَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلْفُ درهمٍ قَارَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي نِصْفِهِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ فِي الْأَلْفِ مِنْ ربحٍ فَالثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ وَلِصَاحِبِهِ الثُّلُثُ فَإِنَّمَا قَارَضَهُ فِي نِصْفِهِ على ثلث ربحه في نصفه ولو قارضه على أن للعامل ثلث الربح والثلثين لصاحبه لم يجز لأن معنى ذلك أن عقد له العامل أن يخدمه في نصفه بغير بدلٍ وسلم له مع خدمته من ربحٍ نصفه تمام ثلثي الجميع بغير عوضٍ فإن عمل المساقي في هذا أو المقارض فالربح بينهما نصفين ولا أجرة للعامل لأنه عمل على غير بدلٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>