للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: فَاسْتِحْقَاقُ الثَّمَرَةِ جَارٍ مَجْرَى تَلَفِهَا، وَتَلُفُ الثَّمَرَةِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ رُجُوعَ الْعَامِلِ عَلَى الْمُسَاقِي بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ، قِيلَ: إِنَّمَا يَمْتَنِعُ رُجُوعُهُ بِالْأُجْرَةِ عِنْدَ تَلَفِ الثَّمَرَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَاسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِالْأُجْرَةِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ النَّخْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدِ اسْتَهْلَكَهَا، فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَا قَدِ اسْتَهْلَكَاهَا بُسْرًا أَوْ رُطَبًا أَوْ تَمْرًا مَكْنُوزًا رَجَعَ بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَا قَدِ اسْتَهْلَكَاهَا تَمْرًا بَثًّا رَجَعَ بِمِثْلِهَا لِأَنَّ لِلتَّمْرِ الْبَثِّ مِثْلًا، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْبَثِّ مِثْلٌ، ثُمَّ رَبُّ النَّخْلِ بالخيار بين يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلِ مَا اسْتَهْلَكَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسَاقِي بِمِثْلِ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ منهما بمثل ما استهلكه فلا تراجع؟ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الثَّمَرَةِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى الْمُسَاقِي بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ لِتَفْوِيتِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُسَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْمُسَاقِي عَلَى الْعَامِلِ بِمِثْلِ مَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْهَا، وَرَجَعَ الْعَامِلُ عَلَى الْمُسَاقِي بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْمُسَاقِي بَاقِيَةً بِيَدِهِ، وَحِصَّةُ الْعَامِلِ مُسْتَهْلِكَةً فَيَرْتَجِعُ رَبُّ النَّخْلِ مَا بِيَدِ الْمُسَاقِي مِنَ الثَّمَرَةِ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا اسْتَهْلَكَهُ الْعَامِلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْعَامِلُ عَلَى الْمُسَاقِي، وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُسَاقِي وَيَرْجِعُ الْمُسَاقِي بِهِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمُسَاقِي.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْمُسَاقِي مُسْتَهْلَكَةً، وَحِصَّةُ الْعَامِلِ بَاقِيَةً بِيَدِهِ فَيَرْجِعُ رَبُّ النَّخْلِ عَلَى الْعَامِلِ بِمَا بِيَدِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُسَاقِي بِمَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ، لِأَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ بِالْيَدِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا ضَمَانُ مَا حَصَلَ بِيَدِهِ، وَالْمُسَاقِي يَضْمَنُ بِالْعُدْوَانِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُ مَا حَصَلَ بَعْدَ عُدْوَانِهِ ثُمَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسَاقِي بأجرة مثله.

[مسألة]

قال المزني رحمه الله تعالى: " وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّهُ سَقَاهَا بِمَاءِ سماءٍ أَوْ نهرٍ فَلَهُ الثُّلُثُ وَإِنْ سَقَاهَا بِالنَّضْحِ فَلَهُ النِّصْفُ كَانَ هَذَا فَاسِدًا لِأَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ كَانَ وَالنَّصِيبُ مجهولٌ وَالْعَمَلُ غَيْرُ معلومٍ كَمَا لَوْ قَارَضَهُ بمالٍ عَلَى أَنَّ مَا رَبِحَ فِي الْبَرِّ فَلَهُ الثُّلُثُ وَمَا رَبِحَ فِي الْبَحْرِ فَلَهُ النِّصْفُ فَإِنْ عَمِلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَالتَّعْلِيلُ مُسْتَقِيمٌ، وَفَسَادُ الْعَقْدِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: جهالة العمل لتردد بَيْنَ السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّضْحِ.

وَالثَّانِي: جَهَالَةُ الْعِوَضِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ المزني رحمه الله تعالى: " فَإِنِ اشْتَرَطَ الدَّاخِلُ أَنَّ أُجْرَةَ الْأُجَرَاءِ مِنَ الثَّمَرَةِ فَسَدَتِ الْمُسَاقَاةُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>