للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَإِذَا أَجَّرَ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ صَبِيًّا ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ رَشِيدًا فَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ لَا تَنْفَسِخُ بِبُلُوغِهِ.

وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّبِيَّ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلَمْ يَزُلِ الْعَقْدُ بِزَوَالِ يَدِ عَاقِدِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ مَعْقُودٌ عَلَيْهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ فَزَالَ الْعَقْدُ بِزَوَالِ مِلْكِ عَاقِدِهِ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ نَفَذَ الْعِتْقُ وَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا لَازِمَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَأُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ بِعِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ تَبْطُلْ بِعِتْقِ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ لَهُ فَاخْتَصَّ التَّمْلِيكُ بِمَا كَانَ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ وَأُمُّ الْوَلَدِ تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِمَوْتِ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكِهِ فَكَانَ الْمِلْكُ عَلَى عُمُومِهِ وَصَارَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِمَثَابَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إِذَا وَرِثَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ فِيهِ وَصَارَ الْعَبْدُ بِمَثَابَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إِذَا ابْتَاعَ مَا اسْتَأْجَرَ لَمْ تَبْطُلِ الْإِجَارَةُ فيه والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَطْنِ مُرٍّ فَتَعَدَّى بِهَا إِلَى عُسْفَانَ فَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا إِلَى مرٍ وَكِرَاءُ مِثْلِهَا إِلَى عُسْفَانَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إِلَى مَكَانٍ فَاسْتَوْفَاهُ وَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ مِثْلَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مُرٍّ فَيَرْكَبَهَا إِلَى مُرٍّ ثُمَّ يَتَعَدَّى بِرُكُوبِهَا إِلَى عُسْفَانَ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ بِرُكُوبِهَا إِلَى مُرٍّ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْعَقْدِ ثُمَّ صَارَ بِمُجَاوَزَةِ مُرٍّ مُتَعَدِّيًا وَلَزِمَهُ حُكْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: كِرَاءُ الْمِثْلِ مِنْ مُرٍّ إِلَى عُسْفَانَ.

وَالثَّانِي: الضَّمَانُ. فَأَمَّا كِرَاءُ الْمِثْلِ فَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ أبو حنيفة وَإِنْ كَانَ يُسْقِطُ الْكِرَاءَ عَنِ الْغَاصِبِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رُكُوبَ الْغَاصِبِ طَرَأَ عَلَى يَدٍ ضَامِنَةٍ فَسَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ وَرُكُوبَ هَذَا الْمُجَاوِزِ مَسَافَتَهُ طَرَأَ عَلَى يَدٍ غَيْرِ ضَامِنَةٍ فَلَزِمَهُ الْكِرَاءُ.

فَصْلٌ

: أَمَّا الضَّمَانُ فَلَا يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيمَا حَدَثَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ وَتَعَدِّيهِ فَأَمَّا بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَالتَّعَدِّي فَقَدْ صَارَ مَأْخُوذًا بِهِ وَلَا يَخْلُو حَالُ الدَّابَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَتْلَفَ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَنْقُصَ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا مَعَهَا أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا بِالْيَدِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِهَا كَالْغَاصِبِ.

وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَلَفُهَا فِي حَالِ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ النُّزُولِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الرُّكُوبِ ضَمِنَ ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانَ غَصْبٍ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ لَمْ تَزُلْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ جَمِيعُ الرُّكُوبِ مَحْظُورًا فلزمه بعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>