للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى بَلَدٍ مُسَمًّى فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا رَاكِبًا إِلَى مَنْزِلِهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ نُظِرَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا تَتَقَارَبُ أَقْطَارُهُ جَازَ أَنْ يَرْكَبَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ كَمَا لَوْ نَزَلَ فِي طَرِيقِهِ مَنْزِلًا جَازَ أَنْ يَنْزِلَ حَيْثُ شَاءَ مِنْ أَوَّلِ الْمَنْزِلِ وَآخِرِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ وَاسِعًا متباعداً الْأَقْطَارِ فَلَيْسَ لَهُ إِذَا وَصَلَ إِلَى الْبَلَدِ أَنْ يَرْكَبَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ إِلَّا بِشَرْطٍ.

وَقَالَ أبو حنيفة لَهُ أَنْ يَسْتَدِيمَ رُكُوبَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ نَزَلَ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْبَلَدِ ثُمَّ قَالَ أَخْطَأْتُ مَنْزِلِي مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَوْ لَمْ يَنْزِلْ لَكَانَ حَقًّا وَإِنْ نَزَلَ فَلَوْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَرْكَبَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ مِنَ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ عَارِفًا بِمَكَانِ مَنْزِلِهِ مِنَ الْبَلَدِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَسَمَّاهُ لَهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَلَا سَمَّى لَهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا اسْتَأْجَرَ بعير إِلَى مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهَا أَنْ يَحُجَّ عَلَيْهِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحُجَّ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ بَعْدَ وُصُولِهِ إِلَى مَكَّةَ أَنْ يَرْكَبَهُ إِلَى مِنًى.

ثُمَّ إِلَى عَرَفَةَ ثُمَّ يَرْكَبُهُ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ ثُمَّ إِلَى مِنًى ثُمَّ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ مِنْ مَكَّةَ عَائِدًا إِلَى مِنًى لِيَبِيتَ بِهَا وَيَرْمِيَ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَاكَ لِأَنَّهُ مِنْ بَقَايَا الْحَجِّ.

وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَاكَ لِإِحْلَالِهِ مِنَ الْحَجِّ.

[فصل]

: وإذا تعادل رجلان على بعير استأجره فارتدف معهما ثالث ركب بعير أَمْرِهِمَا لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِمَالِكِهِ دُونَ مُسْتَأْجِرَيْهِ وَلَزِمَهُ ضَمَانُ الْبَعِيرِ إِنْ تَلِفَ وَفِي قَدْرِ ما يلزمه من قيمته ثلاث مَذَاهِبَ.

أَحَدُهَا: النِّصْفُ اعْتِبَارًا بِجِنْسِ الْإِبَاحَةِ وَالْحَظْرِ.

وَالثَّانِي: الثُّلُثُ اعْتِبَارًا بِأَعْدَادِهِمْ دُونَ وَزْنِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يُوزَنُونَ.

والثالث: يقدر ثِقَلِهِ مِنْ ثِقَلِ الْجَمَاعَةِ تَقْسِيطًا عَلَى وَزْنِهِمْ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يُوزَنُونَ فِيمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الثِّقَلُ وَالْخِفَّةُ وَالْحِمْلُ مِمَّا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِيهِ تَقْسِيطُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يُوزَنُوا وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا. وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبَانِ أَذِنَا لِلرَّدِيفِ أَنْ يَرْكَبَ مَعَهُمَا ضَمِنُوا جَمِيعًا أَعْنِي المستأجرين والرديف البعير إن تَلِفَ لِتَعَدِّي الرَّاكِبَيْنِ بِالْإِذْنِ وَتَعَدِّي الرَّدِيفِ بِالرُّكُوبِ وَرَبُّ الْبَعِيرِ بِالْخِيَارِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى أَيِّهِمْ شَاءَ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الرَّدِيفِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ نُظِرَ. فَإِنْ كَانَ الْبَعِيرُ مَعَ الْجَمَّالِ فَفِي قَدْرِ مَا يَضْمَنُهُ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ كَالرَّدِيفِ وَيَرْجِعُ بِهَا الْغَارِمُ عَلَى الرَّدِيفِ بَعْدَ غُرْمِهَا وَإِنْ كَانَ الْبَعِيرُ مَعَهُمَا دُونَ الجمال

<<  <  ج: ص:  >  >>