للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ يَعُودُ إِلَى الْمُؤَجِّرِ مِنْ خَرَابِ الْحَمَّامِ وَشَعَثِهِ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ عِمَارَةُ مَا خَرَّبَ وَإِصْلَاحُ مَا تَشَعَّثَ وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ جَبْرًا فَإِنْ بَادَرَ إِلَى عِمَارَتِهِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ إِلَى عِمَارَتِهِ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفَسْخِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ يَعُودُ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ قِلَّةِ الْحَطَبِ وَالْمَاءِ وَمُرَاعَاةِ الْوَقُودِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُنْسَبَ ذَلِكَ إِلَى وَاحِدٍ منها فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لِمَانِعٍ مِنْهُ لِفِتْنَةٍ حَادِثَةٍ أَوْ لِخَرَابِ النَّاحِيَةِ فَهَذَا عَيْبٌ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِرَغْبَةٍ عَنْهُ لِحُدُوثِ مَا هُوَ أَعْمَرُ مِنْهُ فَهَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ

فَصْلٌ

: إِجَارَةُ دُورِ مَكَّةَ جَائِزَةٌ وَمَنَعَ مَالِكٌ وأبو حنيفة مِنْ إِجَارَتِهَا اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ فِي مَكَّةَ " إِنَّهَا سوائبٌ ".

وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُ رِبَاعِهَا وَلَا أُجُورُ بُيُوتِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ إِجَارَتِهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ وَقَدْ قِيلَ لَهُ هَلَّا نَزَلْتَ فِي دُورِكَ فَقَالَ: " وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ ربعٍ ".

فَلَوْلَا جَوَازُ بَيْعِهَا مَا أَمْضَى بَيْعَ عَقِيلٍ وَجَعَلَ مُشْتَرِيَهَا مِنْهُ أَحَقَّ بِهَا مِنْهُ وَقَدِ اشْتَرَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَارًا بِمَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يُنْكِرْ شِرَاءَهُ أَحَدٌ فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ إِلَيْهِمْ دُورَهُمْ فَقَالَ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) {الحشر: ٢٨) فَاقْتَضَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ بَقَاءَ مِلْكِهِمْ عليها وإذا بما ذَكَرْنَا مِلْكَهَا وَجَوَازَ بَيْعِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ إِجَارَتِهَا. لِأَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ مِنَ الدور جازت أجارته كسائر البلاد.

ولأنه لَوْ لَمْ تُمْلَكْ رِقَابُهَا وَيُسْتَحَقَّ سُكْنَاهَا لَمَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَوْطِنَ بِهَا دَارًا وَلَاسْتَهَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا لِاسْتِوَائِهِمْ فِيهَا فَأَمَّا مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنَ الْخَبَرَيْنِ فَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْهُمَا فِي الْبُيُوعِ.

فَصْلٌ

: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كَتْبِ الْمَصَاحِفِ وَمَنَعَ مِنْهَا بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ مَا أُبِيحَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمَعْلُومَةِ جَازَ لِمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنِ الْفَرْضُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْهُ كَالْإِجَارَةِ عَلَى كَتْبِ الْفِقْهِ والحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>