للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمولة كَقَوْلِهِ: وَقَفْتُهَا عَلَى أَغْنِيَاءِ بَنِي تَمِيمٍ، فَمَنِ اسْتَغْنَى مِنَ الْفُقَرَاءِ أُدْخِلَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهُ وَمَنِ افْتَقَرَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ خَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ دَاخِلًا فِيهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُخْرِجَ مَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا بِاخْتِيَارِهِ وَيُدْخِلَ مَنْ أَدْخَلَ فِيهَا بِاخْتِيَارِهِ كَأَنَّهُ قَالَ قَدْ وَقَفْتُ دَارِي هَذِهِ عَلَى مَنْ شِئْتُ عَلَى أَنْ أُدْخِلَ فِي الْوَقْفِ مَنْ أَشَاءُ، وَأُخْرِجَ مِنْهُ مَنْ أَشَاءُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: جَائِزٌ كَمَا لَوْ أَدْخَلَهُ بِصِفَةٍ وَأَخْرَجَهُ بِصِفَةٍ.

وَالثَّانِي: هُوَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ الْوَقْفُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى مَوْصُوفٍ وَلَا مُعَيَّنٍ فَإِذَا قِيلَ: لَا يَجُوزُ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ آخِرَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِذَا قِيلَ بِجَوَازِهِ صَحَّ إِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى فِيهِ عند عقد الوقف قوماً، ثم له يُدْخِلَ مَنْ شَاءَ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَهَلْ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا شَاءَ، وَلَهُ شَرْطُهُ وَقَدِ اسْتَقَرَّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا مَا عَاشَ وَبَقِيَ لِعُمُومِ الشَّرْطِ، فَإِذَا مَاتَ فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَى مَنْ فِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ مَنْ أَدْخَلَ فِيهِ فَقَدِ اسْتَقَرَّ دُخُولُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَمَنْ أَخْرَجَ مِنْهُ فَقَدِ اسْتَقَرَّ خُرُوجُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ وَقَفْتُهَا عَلَى الْأَرَامِلِ فَهُمُ النِّسَاءُ اللَّاتِي لَا أَزْوَاجَ لَهُنَّ، وَفِي اعْتِبَارِ فَقْرِهِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْيَتَامَى إِنْ خَصَّ أَرَامِلَ قَبِيلَةٍ لَمْ يراعي فَقْرُهُنَّ، وَإِنْ عَمَّ وَأَطْلَقَ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِمُ الرِّجَالُ الَّذِينَ لَا أَزْوَاجَ لَهُمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُونَ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فِي الِاسْمِ.

وَالثَّانِي: يَدْخُلُونَ اعْتِبَارًا بِحَقِيقَةِ اللُّغَةِ، وَصَرِيحِ اللِّسَانِ وَأَنَّ الْأَرْمَلَ الَّذِي لَا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ الشَّاعِرُ:

(كُلُّ الْأَرَامِلِ قَدْ قَضَيْتُ حَاجَتَهَا ... فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الْأَرْمَلِ الذَّكَرِ)

فَصْلٌ

: وَمَنْ وَقَفَهَا عَلَى الْغِلْمَانِ فَهُمْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الذُّكُورِ، وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى الْجَوَارِي فَهُمْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الْإِنَاثِ، وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى الْفِتْيَانِ فَهُمْ مَنْ قَدْ بَلَغَ وَإِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَذَا لَوْ وَقَفَهَا عَلَى الشَّبَابِ فَهُمْ كَالْفِتْيَانِ مَا بَيْنَ الْبُلُوغِ وَالثَّلَاثِينَ، وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى الْكُهُولِ فَهُمْ مَنْ لَهُ مِنْ بَيْنِ الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ، وَقَدْ قِيلَ: فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَكَهْلاً وِمِنَ الصَّالِحينَ) {آل عمران: ٤٦) أَنَّهُ كَانَ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَوْ وَقَفَهَا فَهُمْ مَنْ تَجَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى جِيرَانِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْجِيرَانِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ دَرْبٌ يُعَلَّقُ وَقَالَ آخَرُونَ: مَنْ صَلَّى مَعَكَ فِي مَسْجِدِكَ وَدَخَلَ مَعَكَ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>