للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: الْوِلَايَةُ عَلَى الْوَقْفِ مُسْتَحَقَّةٌ فَإِنْ شَرَطَهَا الواقف في وقفها كَانَتْ لِمَنْ شَرَطَهَا لَهُ سَوَاءٌ شَرَطَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَعْقَلَ اشْتِرَاطَهَا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرْنَاهَا مِنْ قَبْلُ.

أَحَدُهَا: أَنَّهَا لِلْوَاقِفِ اسْتِصْحَابًا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنِ اسْتِحْقَاقِهَا عَلَى ملكه واستشهاداً بولاء عقته.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لِلْمُوقَفِ عَلَيْهِ إِلْحَاقًا بِمِلْكِ الْمَنَافِعِ وَتَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَخَصِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا لِلْحَاكِمِ وَلَهُ رَدُّهَا إِلَى مَنْ شَاءَ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَلُزُومِ نَظَرِهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ جعلها للأفضل والأفضل من بينه كَانَتْ لِأَفْضَلِهِمْ، فَلَوِ اسْتَقَرَّتْ لَهُ فَحَدَثَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ لَمْ يَنْتَقِلْ وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْأَفْضَلُ فِيهِمْ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْوِلَايَةِ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُ الْفَاضِلِ فَيَصِيرَ مَفْضُولًا فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَلَوْ جَعَلَهَا لِلْأَفْضَلِ مِنْ وَلَدِهِ فَهَلْ يُرَاعَى الْأَفْضَلُ مِنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ أَمْ يُرَاعَى الْأَفْضَلُ مِنَ الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُرَاعَى أَفْضَلُ الْفَرِيقَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّهُمْ وَلَدٌ.

وَالثَّانِي: يُرَاعَى أَفْضَلُ الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ لِأَنَّ الذُّكُورَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِنَاثِ فَلَوْ جَعَلَهَا لِابْنَيْنِ مِنْ أَفَاضِلِ وَلَدِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ هَذِهِ الصِّفَةُ إِلَّا وَاحِدًا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى نَظَرِهِ وَحْدَهُ وَضَمَّ الْحَاكِمُ إِلَيْهِ أَمِينًا مِنْ غَيْرِ وَلَدِهِ، لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُسْتَحِقٌّ لَهَا اخْتَارَ الحاكم أمينين يكونا وَالِيَيْنِ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْهُمْ فَاضِلَانِ فَلَمْ يَقْبَلَا الْوِلَايَةَ اخْتَارَ لِلْوِلَايَةِ غَيْرَهُمَا فَإِنْ طَلَبَا الْوِلَايَةَ بَعْدَ رَدِّهَا لَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَطَلَتْ وِلَايَتُهُمَا بِالرَّدِّ وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهِمَا بِالطَّلَبِ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوِلَايَةِ شَرْطٌ هَلْ يَكُونُ الْمُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْوِلَايَةِ أَحَقَّ.

أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَلَتْ وِلَايَتُهُمَا إِذَا قِيلَ إِنَّهَا مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ بِغَيْرِهِمَا.

وَالثَّانِي: هُمَا أَحَقُّ بِهَا إِذَا قِيلَ لَوْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ أَنَّهَا لَهُمَا.

فَصْلٌ

: فَإِذَا اخْتَلَفَ أَرْبَابُ الْوَقْفِ فِي شَرْطِهِ وَتَنَازَعُوا فِي تَرْتِيبٍ أَوْ تَفَاضُلٍ وَلَا بَيِّنَةٍ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ اشْتَرَكُوا جَمِيعًا فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ وَلَا تَفَاضُلٍ وَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ أَيْمَانَ بَعْضٍ لَزِمَتْ، فَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا كَانَ قَوْلُهُ فِيهِ مَقْبُولًا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ وَكَانَ وَارِثُهُ بَاقِيًا كَانَ قَوْلُ وَارِثِهِ فيه مقبولاً، فلو لم يكن واقف إلا وَارِثٌ، وَكَانَ والٍ عَلَيْهِ نُظِرَ فِي وِلَايَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ حَاكِمٍ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى قَوْلِهِ فِي شُرَكَاءِ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ فِي شُرُوطِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ أَهْلِهِ، فَلَوِ اخْتَلَفَ الْوَالِي عَلَيْهِ وَالْوَارِثُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ بِالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْوَارِثُ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَاقِفِ.

وَالثَّانِي: الْوَالِي لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِالنَّظَرِ فَلَوْ جَعَلَ الْوَاقِفُ لِلْوَالِي عَلَيْهِ جَعْلًا وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ صَحَّ، وَكَانَ لَهُ مَا سُمِّيَ مِنْ أَجْلِ الْعِلَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>