للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا إِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ عَلَى رِقِّهِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْوَاجِدُ قَدْ بَاعَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ مَا لَمْ يَصْدُقِ المالك ولا يلزمه غرم القيمة لا دعاء الْمَالِكِ حُرِّيَّتَهُ الَّتِي يَسْقُطُ مَعَهَا اسْتِحْقَاقُ قِيمَتِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْوَاجِدُ قَدْ بَاعَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ كَانَ الثَّمَنُ مَوْقُوفًا فِي يَدَيْهِ بَيْنَ المشتري والمالك فإن عَادَ الْمُشْتَرِي فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُ الثَّمَنِ وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ، وَإِنَّ عَادَ الْمَالِكُ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِبَقَاءِ الرِّقِّ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي تَمَلُّكِ الثَّمَنِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي مِلْكِ الثَّمَنِ كَمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي اسْتِرْقَاقِ مَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي تَمَلُّكِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي اسْتِرْقَاقِ مَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ عَلَى الثَّمَنِ وَزَوَالِهِ عَنِ الْحُرِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ: من ينتفع باللقطة.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَيَأْكُلُ اللُّقَطَةَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصدقة وتحرم عليه قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبي بن كعب رضي الله عنه وهو من أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها ثمانون دينارا أن يأكلها وأن عليا رضي الله عنه ذكر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه وجد دينارا فأمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره النبي بأكله فلما جاء صاحبه أمره بدفعه إليه وعلي رضي الله عنه ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبية بني هاشم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ يَجُوزُ لِوَاجِدِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا حَوْلًا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَيَأْكُلَهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَقَالَ أبو حنيفة يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ غَنِيًّا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَيَكُونُ مُخَيَّرًا فِيهَا بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً لِصَاحِبِهَا أَبَدًا كَالْوَدِيعَةِ وَإِمَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَأَمْضَى صَدَقَتَهُ فَلَهُ ثَوَابُهَا وَلَا غُرْمَ عَلَى الْوَاجِدِ وَإِنْ لَمْ يُمْضِ الصَّدَقَةَ فَثَوَابُهَا لِلْوَاجِدِ وَعَلَيْهِ غُرْمُهَا اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا تَصَدَّقْ بِهَا " وَهَذَا نَصٌّ قَالَ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ حَالُ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ كَالزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ مَالُ مُسْلِمٍ فَوَجَبَ أَلَّا يَحِلَّ إِلَّا لِلْمُضْطَرِّ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ اللُّقَطَةِ وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِوَاجِدِ اللُّقَطَةِ: " فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا " يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَرُوِيَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا وَرُوِيَ مِائَةُ دِينَارٍ فَأَخْبَرَ بِهَا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " عَرِّفْهَا حَوْلًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا " قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأُبَيٌّ مِنْ أَيْسَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ كَانَ أَيْسَرَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا لَصَارَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>