للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهَا فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ الْحَجْرُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ غَيْرِهِ.

وَعَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِهِ لِيَقُومَ بِتَعْرِيفِهَا حَوْلًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا دَفَعَهَا الْوَلِيُّ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا أَحَظَّ الْأَمْرَيْنِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ تَمَلُّكِهَا لَهُ أَوْ تَرْكِهَا أَمَانَةً لِصَاحِبِهَا فَإِنْ رَأَى أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لَهُ جَازَ لِأَنَّهَا كَسْبٌ لَهُ بِوُجُودِهِ لَهَا وَلَيْسَتْ كَسْبًا لِوَلِيِّهِ فَإِنْ كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَتَمَلَّكُهَا لَهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا قَبُولُ تَمَلُّكٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُمَا قَبُولُ وَصِيَّةٍ وَلَا هِبَةٍ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا كَانَ هُوَ الْمُتَمَلِّكَ لَهَا عَنْ إِذْنِ الْوَلِيِّ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي أَنَّ أَحَظَّ الْأَمْرَيْنِ هُوَ التَّمَلُّكُ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يُمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. ثُمَّ إِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا فَغُرْمُهَا فِي مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ دُونَ الْوَلِيِّ وَإِنْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنْ أَحَظَّ الْأَمْرَيْنِ لِلْمُوَلّى عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً لِصَاحِبِهَا لَا يَكُونُ غُرْمُهَا مُسْتَحَقًّا فِي مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَكَانَتْ عَلَى حَالِهَا أَمَانَةً مُقَرَّةً فِي يَدِ الْوَلِيِّ فَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ فُكَّ الْحَجْرُ عَنِ السَّفِيهِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَيَنْزِعَهَا مِنْ وَلِيِّهِ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْأَمَانَةَ فِيهَا كَانَ ذَلِكَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مِنِ اكْتِسَابِهِ وَهُوَ الْآنَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِهِ فَهَذَا حُكْمُهَا إِنْ أَخْذَهَا الْوَلِيُّ مِنَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ بِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَقَدْ ضَمِنَهَا لِمَالِكِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا فَإِنْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَمْ يَخْلُ تَلَفُهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةٍ مِنْهُ وَجَبَ غُرْمُهَا فِي مَالِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ غُرْمُ سَائِرِ جِنَايَاتِهِ وَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ فَفِي وُجُوبِ غُرْمِهَا فِي مَالِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ وَيَكُونُ أَخْذُهُ لَهَا عُدْوَانَا مِنْهُ.

وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ الْغُرْمُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ لَمَا وَجَبَ فِي مَالِهِ غُرْمُهَا فَلَوْ لَمْ تَتْلَفْ وَكَانَتْ بَاقِيَةً فِي يَدِهِ حَتَّى انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَصَارَ رَشِيدًا فَلَهُ تَعْرِيفُهَا وَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي غُرْمِهَا قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ لَوْ تَلِفَتْ ثُمَّ لَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا إِنْ شاء.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أُمِرَ بِضَمِّهَا إِلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا السَّيِّدُ فَأَقَرَّهَا فِي يَدَيْهِ فهو ضامن لها في رقبعة عَبْدِهِ (قَالَ) فِيمَا وَضَعَ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ لَا غُرْمَ عَلَى الْعَبْدِ حَتَى يعتق من قبل أن له أخذها " (قال المزني) " الأول أقيس إذا كانت في الذمة والعبد عندي ليس بذي ذمة " (قال الشافعي) رحمه الله فإن لم يعلم بها السيد فهي في رقبته إن استهلكها قبل السنة وبعدها دون مال السيد لأن أخذه اللقطة عدوان إنما يأخذ اللقطة من له ذمة " (قال المزني) " هذا أشبه بأصله ولا يخلو سيده من أن يكون علمه فإقراره

<<  <  ج: ص:  >  >>