للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا فَضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِسُكْنَاهُ كَالدُّورِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ فِيهَا كَالْكَبِيرِ يَمْلِكُ مَا هُوَ فِيهَا مِنْ دَارٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِسُكْنَاهُ كَالْبَسَاتِينِ وَالضَّيَاعِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْكُمُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ يَدٌ كَالدُّورِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّ سُكْنَى الدَّارِ تَصَرُّفٌ وَلَيْسَ الْحُصُولُ فِي الْبَسَاتِينِ سُكْنَى وَلَا تَصَرُّفٌ.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَ مُلْتَقِطُهُ غَيْرَ ثِقَةٍ نَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً وَجَبَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا وُجِدَ لَهُ وَأَنَّهُ مَنْبُوذٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا كَانَ مُلْتَقِطُ الْمَنْبُوذِ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنِ اسْتِرْقَاقِهِ وَلَا عَلَى مَالِهِ خَوْفًا مِنِ اسْتِهْلَاكِهِ نَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ يَدِهِ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونِ ليس من أهل الولايات والثاني أنه لَا حَظَّ لِلْمَنْبُوذِ فِي تَرْكِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ قِيلَ أَفَلَيْسَ لَوْ كَانَ وَاجِدُ اللُّقَطَةِ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا أُقِرَّتْ فِي يَدِهِ عَلَى أحد القولين فهلا كان اللقيط كذلك قبل الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللُّقَطَةَ اكْتِسَابٌ فَجَازَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهَا الْأَمِينُ وَغَيْرُهُ وَالْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ وِلَايَةٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ الْأَمِينُ وَغَيْرُهُ.

وَالثَّانِي: مَا يُخَافُ عَلَى الْمَنْبُوذِ مِنِ اسْتِرْقَاقِهِ وَإِضَاعَتِهِ أَغْلَظُ مِمَّا يُخَافُ عَلَى الْمَالِ مِنِ استهلاكه وتلفه لأن للمال بَدَلٌ وَلَيْسَ لِلْحُرِّيَّةِ بَدَلٌ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا لَمْ يَخْلُ حَالُ مُلْتَقِطِ الْمَنْبُوذِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا عَلَيْهِ وَعَلَى ما له فَيُقَرَّانِ مَعًا فِي يَدِهِ وَهَلْ يَكُونُ لِلْحَاكِمِ عَلَيْهِ نَظَرٌ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ لَا نَظَرَ عليه لا اجتهاد له فيما إليه كَمَا أَنَّهُ لَا نَظَرَ فِي اللُّقَطَةِ عَلَى وَاجِدِهَا إِذَا كَانَ أَمِينًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ إِنَّ لِلْحَاكِمِ عَلَيْهِ فِي الْمَنْبُوذِ نَظَرٌ وَلَهُ فِي كَفَالَتِهِ اجْتِهَادٌ لِأَنَّهُ الْوَالِي عَلَى الْأَطْفَالِ وَخَالَفَ حَالَ اللُّقَطَةِ لِأَنَّهَا كَسْبٌ وَهَكَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ الْمُلْتَقِطُ خَصْمًا فِيمَا نُوزِعَ فِيهِ الْمَنْبُوذُ مِنْ أَمْوَالِهِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ خَصْمًا فِيهِ نِيَابَةً عَنِ الْمَنْبُوذِ لِمَكَانِ نَظَرِهِ عَلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ خَصْمًا إِلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ أَمِينٍ عَلَيْهِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْحَاكِمِ انْتِزَاعُهَا مِنْ يَدِهِ وَيَرْتَضِي لَهُ مَنْ يَقُومُ بِكَفَالَتِهِ وَحِفْظِ مَالِهِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَلَيْهِ فَلَا يُخَافُ مِنِ اسْتِرْقَاقِهِ لَهُ لَكِنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ عَلَى مَالِهِ خَوْفًا مِنِ اسْتِهْلَاكِهِ لَهُ فَهَذَا يُقَرُّ الْمَنْبُوذُ فِي يَدِهِ وَيُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ بِالْتِقَاطِهِ حَقٌّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>