للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إِنَّ إِقْرَارَهُ بِهِ مَقْبُولٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالْكُفْرِ وَإِنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّقِّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ أَمْرِهِ إِنْ جَنَى أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَأَمَّا فِي الْمَاضِي مِنْ أَمْرِهِ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ مَا سِوَى الْجِنَايَةِ فِيمَا بَعْدُ وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْجِنَايَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَمَّا الْجِنَايَةُ فَالْكَلَامُ فِيهَا يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا فِيمَا جُنِيَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي فِيمَا جَنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ.

فَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فَلَا يَخْلُو مَا أَخَذَهُ مِنْ أَرْشِهَا بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَوِيَ أَرْشُهَا بِالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَلَا يُرَاجَعُ فَإِنْ كانت عمدا وعرفها الْجَانِي مِنْ مَالِهِ فَقَدْ غَرِمَ مَا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً تَحَمَّلَتْهَا عَاقِلَتُهُ فَفِي رُجُوعِ الْعَاقِلَةِ بِهَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَرْشُهَا فِي الرِّقِّ أَقَلُّ مِنْ أَرْشِهَا فِي الْحُرِّيَّةِ كَأَنَّهَا فِي الْحُرِّيَّةِ أَلْفٌ وَفِي الرِّقِّ مِائَةٌ فَيَسْتَرْجِعُ مِنْهُ مَا زاد على أرش الرق وذلك بتسعمائة فَإِنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا فِي يَدِهِ أَوْ كَانَ بدلها موجودا من كسبه ليسترجعه الْجَانِي أَوْ عَاقِلَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي يَدِهِ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ كَسْبِهِ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ قَدْ أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ اسْتَحَقَّ الْجَانِي الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُنْفِقُ لَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي نَفَقَتِهِ لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ غُرْمُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ فِي يَدَيْهِ وَلَا انْصَرَفَتْ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ فِي صِغَرِهِ وَلَمْ تَصِرْ إِلَى يَدِهِ لِتَلَفِهِ لَمْ يَجِبْ غُرْمُهُ وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ هَدَرًا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقَابِضُ لَهَا فِي كِبَرِهِ أَوْ دَفَعَهَا الْحَاكِمُ إِلَيْهِ بَعْدَ كِبَرِهِ تَعَلَّقَ غُرْمُهَا بِذِمَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ لِغُرُورِهِ وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَرْشُهَا فِي الرِّقِّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِهَا فِي الْحُرِّيَّةِ بِأَنْ كَانَتْ فِي الْحُرِّيَّةِ مِائَةٌ وَفِي الرِّقِّ أَلْفٌ فَفِي اسْتِحْقَاقِ الزِّيَادَةِ بِالرِّقِّ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْجَانِي بِهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا مَعَ الْإِنْكَارِ لَهَا لِمَكَانِ التُّهْمَةِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُهُ فِيهِ حُرًّا فِي الظَّاهِرِ.

[فصل:]

وأما الجناية عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَخْلُو مَا دَفَعَهُ فِي أَرْشِهَا بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَوِيَ أَرْشُهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلَّا مَا أَخَذَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كانت جنايته فَقَدْ أَدَّى أَرْشَهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ كَسْبِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً أُخِذَتْ مِنْ بَيْتِ المال وجب رَدُّهَا فِيهِ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي عُنُقِهِ دُونَ بَيْتِ الْمَالِ وَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَهَا أَوْ يَبِيعَ رَقَبَتَهُ فِيهَا فَإِنْ ضَاقَتِ الرَّقَبَةُ عِنْدَ بَيْعِهَا عَنْ غُرْمِ جَمِيعِهَا لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدُ مَا بَقِيَ وَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَرْشُهَا بِالرِّقِّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ تَتَّسِعُ لِلزِّيَادَةِ فَيَسْتَحِقُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ بِهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السيد منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>