للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لِلِابْنِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْمَالِ وَلِلْبِنْتِ الْخُمُسُ.

وَوَجْهُهُ: أَنَّ حُرِّيَّةَ الْبِنْتِ لَوْ كَمُلَتْ قَابَلَتْ نِصْفَ حُرِّيَّةِ الِابْنِ فَصَارَ نِصْفَ حُرِّيَّتِهَا يُقَابِلُ رُبُعَ حُرِّيَّةِ الِابْنِ، فَيُقَسِّمُ الْمَالَ عَلَى حُرِّيَّةٍ وَرُبُعٍ فَيَصِيرُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا إِذَا مَاتَ هَذَا الْمُعْتَقُ نِصْفُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ لَا يُوَرَّثُ، وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرِثْ بِحُرِّيَّتِهِ لَمْ يرث بهما.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ يكون مورثا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ دُونَ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ: يَكُونُ مَا كَانَ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ مُنْتَقِلًا إِلَى بَيْتِ الْمَالِ لَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي حُرِّيَّتِهِ وَلَا يُوَرَّثُ عَنْهُ لِبَقَاءِ أَحْكَامِ رِقِّهِ فَكَانَ أَوْلَى الْجِهَاتِ بِهِ بَيْتَ الْمَالِ وَلِهَذَا الْقَوْلِ عِنْدِي وَجْهٌ أراه والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " والقاتلون عمدا أو خطأ ومن عمي موته كل هؤلاء ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الأمة أن قاتل العمد لا يرث عن مَقْتُولِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ وإن ورث غيره الْخَوَارِجُ وَبَعْضُ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْهُمْ توريث القاتل عمدا استصحابا لحاله قَبْلَ الْقَتْلِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِمْ مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ.

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ.

وَرَوَى عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ والده أو ولده فليس لقاتل ميراث " وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْقَاتِلُ عَمْدًا لَا يَرِثُ مِنْ أَخِيهِ وَلَا مِنْ ذِي قَرَابَتِهِ وَيَرِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ نسبا بعد القاتل "؛ لأن اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ تَوَاصُلًا بَيْنَ الأحياء والأموات لاجتماعهم على المولاة والقاتل قاطع للموالاة عَادِلٌ عَنِ التَّوَاصُلِ فَصَارَ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْمُرْتَدِّ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرَّثَ الْقَاتِلَ لَصَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى قَتْلِ كُلِّ مُوَرِّثٍ رَغِبَ وَارِثُهُ فِي اسْتِعْجَالِ مِيرَاثِهِ، وَمَا أَفْضَى إِلَى مِثْلِ هَذَا فَالشَّرْعُ مَانِعٌ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>