للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وأبو حنيفة وَأَصْحَابُهُ وَالزُّهْرِيُّ.

وقال إياس بن عبد الرحمن أُوَرِّثُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ تِلَادِ أَمْوَالِهِمْ ولا أورث ميتا من ميت مما وَرِثَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَمِنَ التَّابِعِينَ شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ إِشْكَالَ التَّوَارُثِ لَا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِحْقَاقِهِ كَالْخُنَاثَى.

وَالدَّلِيلُ عَلَى سُقُوطِ التوارث بينهم أن من أشكل استحقاقه لَمْ يُحْكُمْ لَهُ بِالْمِيرَاثِ كَالْجَنِينِ، وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مَاتَ أَخُوهُ وَأَشْكَلَ هَلْ كَانَ عتقه قبل موته أو بعده لم يرثه بِالْإِشْكَالِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرِثْ بَعْضَ الْمَالِ لم يرث باقيه كالأجانب فأما الخناثى فَإِنَّمَا وَقَفَ أَمْرُهُ مَعَ الْإِشْكَالِ، لِأَنَّ بَيَانَهُ مَرْجُوٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَرْقَى لِفَوَاتِ الْبَيَانِ.

فَصْلٌ:

وَعَلَى هَذَا لَوْ غَرِقَ أَخَوَانِ أَحَدهُمَا مَوْلَى هَاشِمٍ وَالْآخَرُ مَوْلَى تَمِيمٍ وَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ يُقْطَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ وَيُجْعَلُ ميراث الهاشمي لمولاه وميراث التميمي أولاه، وَعَلَى قَوْلِ إِيَاسٍ، وَمَنْ وَرَّثَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَالَ: مِيرَاثُ الْهَاشِمِيِّ لِأَخِيهِ التَّمِيمِيِّ، ثُمَّ مات التميمي يورثه مولاه، وَمِيرَاثُ التَّمِيمِيِّ لِأَخِيهِ الْهَاشِمِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْهَاشِمِيُّ فورثه مولاه ثم مات التميمي وورثه مَوْلَاهُ فَيَصِيرُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى أَخِيهِ، فَلَوْ خَلَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجَةً وَبِنْتًا: فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ لَمْ يُوَرِّثْ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ: يَجْعَلُ مِيرَاثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِزَوْجَتِهِ مِنْهُ الثُّمُنَ، وَلَبِنَتِهِ النِّصْفَ، وَالْبَاقِي لِمَوْلَاهُ، وَعَلَى قَوْلِ إِيَاسٍ وَمَنْ وَرَّثَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ جَعَلَ مِيرَاثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهِ وَأَخِيهِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ كل واحد منهما من زوجته وبنته وأخيه لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، وللأخ ثلاثة أسهم ثم تقسم أَسْهُمُ الْأَخِ الثَّلَاثَة بَيْنَ الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَهُمْ زَوْجَةٌ، وَبِنْتٌ، وَمَوْلَى فَتَكُونُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، وهي غير منقسمة عليهم وَلَا مُوَافِقَةٍ، فَاضْرِبْ ثَمَانِيَةً فِي ثَمَانِيَةٍ تَكُنْ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ سَهْمًا، فَاقْسِمْ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ منهما على أربعة وستين، لزوجته ثمن ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ، وَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سَهْمًا، وَلِأَخِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا تُقَسَّمُ بَيْنَ الْأَحْيَاءِ من ورثته معهم زوجته وَبِنْتٌ وَمَوْلَى، فَيَكُونُ لِزَوْجَتِهِ مِنْهَا الثُّمُنُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلَبِنَتِهِ النِّصْفُ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا، وَلِمَوْلَاهُ مَا بَقِيَ وَهُوَ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْمَفْقُودُ إِذَا طَالَتْ غَيْبَتُهُ فَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَوْتٌ وَلَا حَيَاةٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْحَيَاةِ حَتَّى تَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ بَعْدَهَا، فَيُحْكَمُ حِينَئِذٍ بِمَوْتِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَدَّرَ ذلك بزمان محصور وهذا ظَاهِرُ مَذْهَبِ أبي حنيفة وَمَالِكٍ.

وَقَالَ أبو يوسف: يوقف تمام مائة وعشرون سَنَةً مَعَ سِنِّهِ يَوْمَ فُقِدَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَبْلُغُهُ أَهْلُ هَذَا الزَّمَانِ مِنَ الْعُمُرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>