للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ميراث الجد]

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَالْجَدُّ لَا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يكن أب فَالْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَيِّتُ تَرَكَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِ أَبِيهِ الْأَدْنَيْنِ أَوْ أحدا من أمهات أبيه وَإِنْ عَالَتِ الْفَرِيضَةُ إِلَّا فِي فَرِيضَتَيْنِ زَوْجٍ وأبوين أو امرأة وأبوين فإنه إذا كال فِيهِمَا مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ صَارَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ كَامِلًا وَمَا بَقِيَ فَلِلْجَدِّ بَعْدَ نَصِيبِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ وَأُمَّهَاتُ الْأَبِ لَا يَرِثْنَ مَعَ الْأَبِ وَيَرِثْنَ مَعَ الْجَدِّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الجد المطلق فهو أبو الأب لا غير، فأما أبي الْأُمِّ فَهُوَ جَدٌّ بِتَقْيِيدٍ، ثُمَّ الْجَدُّ يَجْمَعُ رَحِمًا وَتَعْصِيبًا كَالْأَبِ، فَيَرِثُ تَارَةً بِالرَّحِمِ فَرْضًا مُقَدَّرًا وَيَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ تَارَةً مُرْسَلًا، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فِي مَوْضِعٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْجَدَّ لَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالْأَبِ وَحْدَهُ، وَلَهُ في ميراثه ثلاثة أحوال أَجْمَعُوا أَنَّهُ فِيهَا كَالْأَبِ، وَحَال أَجْمَعُوا أَنَّهُ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَبِ، وَحَالٌ اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ فِيهَا كَالْأَبِ أَمْ لَا؟ .

فَأَمَّا الْحَالُ الَّتِي أجمعوا على أنه فيها كَالْأَبِ فَمَعَ الْبَنِينَ وَبَنِيهِمْ يَأْخُذُ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ وَمَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ يَأْخُذُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ إن بقي شيء كالأب ويسقط سَائِرُ الْعَصَبَاتِ سِوَى الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَبَنِي الْإِخْوَةِ إِلَّا فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ حَكَاهَا إسماعيل بن أبي خالد عن علي عليه السلام أنه قاسم الجد مع بني الإخوة وليست ثابتة، ويسقط الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ فَهَذِهِ حَالٌ هُوَ وَالْأَبُ فِيهَا سواء، وأما ما أجمعوا عليه على أنه فيه مخالف للأب ففي فَرِيضَتَيْنِ هُمَا زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، أَوْ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، فَإِنَّ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، فَإِنْ كَانَ مَكَانُ الْأَبِ جَدٌّ: فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْفَرِيضَتَيْنِ أَمَّا مَعَ الزَّوْجَةِ فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا مَعَ الزَّوْجِ فَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْأُمِّ ثُلُثَ ما بقي والباقي للجد للأب، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ جَعَلَ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَيْنِ، وَهِيَ إحدى مربعاته؛ لأنه جعل المال أَرْبَاعًا، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مَا ذَكَرْنَا، وَالْجَدُّ يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ دُونَ أُمَّهَاتِ الْأَبِ، فَهَذِهِ حَالٌ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ فِيهَا مُخَالِفٌ لِلْأَبِ، وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا هَلِ الْجَدُّ فِيهِ كَالْأَبِ أَمْ لَا؟ فَمَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَقَدْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فِيهِ تَكْرَهُ الْقَوْلَ فِيهِ حَتَّى رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أجرأكم على قسم الجد أجرأكم على النار ".

<<  <  ج: ص:  >  >>