للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ عَلَى حَالِهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا.

وَلَيْسَ لِلْمُعْتَقِ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ الْمُعْتِقِينَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إِذَا أَجَّرَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مُدَّةِ إِجَارَتِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِبَدَلِ مَنَافِعِهِ، بَعْدَ عِتْقِهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.

أَنَّ الْمُعْتِقَ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ وَاحِدٌ، وَفِي الوصية اثنين.

فَصْلٌ:

وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ جِنَايَةً، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ جِنَايَةَ عَمْدٍ تُوجِبُ الْقَوَدَ، فَإِذَا اقْتُصَّ مِنْهُ وَكَانَتْ فِي النَّفْسِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ فِي بَاقِيهِ.

وَإِنْ كَانَتْ في طرف أو جرح بطن فِيهَا، فَإِنْ كَانَ بَاقِي الْمَنَافِعِ بَعْدَ الْقِصَاصِ، كالأنثى وَالذَّكَرِ: كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا.

وَإِنْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُهُ بَعْدَهَا، كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَنَافِعِهِ لِفَوَاتِهَا بِالْقِصَاصِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: جِنَايَةُ خَطَأٍ تُوجِبُ الْأَرْشَ، فَإِذَا وَجَبَ أَرْشُهَا، فَإِنْ فَدَاهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ، كَانَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى حَقِّهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ فَدَاهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، كَانَ الْوَرَثَةُ عَلَى حُقُوقِهِمْ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ بِالْأَرْشِ.

وَإِنْ لَمْ يفده واحد منهما، لم يجبر أحدهما عليهما، وَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ، بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّتِي يُؤْخَذُ أَرْشُ جِنَايَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا، لِأَنَّ سَيِّدَهَا هُوَ الْمَانِعُ مِنْ بَيْعِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَالِكُ الرَّقَبَةِ، وَلَا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ.

وَإِذَا كَانَ هذا كذلك نُظِرَ فِي الْأَرْشِ، فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ قِيمَةِ الْعَبْدِ كُلِّهِ بِيعَ فِي جِنَايَتِهِ، وَقَدْ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ.

وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ النِّصْفِ مِنْ قِيمَتِهِ، بيع نصفه، ومالك مُشْتَرِيهِ نِصْفَ رَقَبَتِهِ وَنِصْفَ مَنَافِعِهِ، لِأَنَّهُ مَلَكَ بِالِابْتِيَاعِ نِصْفًا تَامًّا.

فَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْوَصِيَّةِ، فَيُنْظَرُ فِيهِ.

فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مَالِكًا لِكُلِّ مَنَافِعِهِ، صَارَ بَعْدَ الْبَيْعِ مَالِكًا لِنِصْفِهَا وَصَارَ الْمُشْتَرِي وَالْمُوصَى لَهُ شَرِيكَيْنِ فِي مَنَافِعِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ قَدْ مَلَكَ نِصْفَ الْمَنَافِعِ، لِعَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ جَمِيعِهَا صَارَتْ مَنَافِعُ النصف الباقي بين الموصى له وبين الورثة نصفين لخروج النصف المبيع من الحقين، فَتَنْقَسِمُ الْمَنَافِعُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ، فَلَهَا حَالَتَانِ: حَالَةٌ تُوجِبُ الْقَوَدَ، وَحَالَةٌ تُوجِبُ الْأَرْشَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>