للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَيْسَ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ، بَلِ الْحُكْمُ عَلَى حَالَيْنِ، فَالَّذِي جَعَلَهُ فِي الثُّلُثِ هُوَ أُجْرَةُ مِثْلِ السَّيْرِ مِنْ بَلَدِهِ إِلَى الْمِيقَاتِ.

وَالَّذِي جَعَلَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، هُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنَ الْمِيقَاتِ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: وقال أبو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَالَّذِي قَالَهُ هَاهُنَا أَنَّهُ يَكُونُ فِي الثُّلُثِ إِذَا صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي الثُّلُثِ تَوْفِيرًا عَلَى وَرَثَتِهِ. أَلَا تَرَاهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ، تُمِّمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ: أُحِجَّ عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ. وإن قلنا: يَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنْ بلده، والثاني: من ميقات بلده.

والذي قاله هاهنا إذا كان الحج واجبا، وسواء كان حج الإسلام، أو نذرا أو قضاءا.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حَجَّةِ النَّذْرِ وَغَيْرِهَا. فَجَعَلَ حَجَّةَ النَّذْرِ فِي الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ تَطَوّع بِإِيجَابِهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَسَوَّى الْأَكْثَرُونَ بَيْنَهَا وبين الواجبات.

[فصل:]

ولو كان ما أوصى به عنه من الحج تَطَوُّعًا، فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ.

والثاني: جائزة.

فَإِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ: كَانَ الْحَجُّ عَنِ الأجير، لا عن المستأجر عنه، وفي استحقاقه للأجر قولان.

فإذا قِيلَ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ، نُظِرَ مَخْرَجُ كَلَامِهِ فِيهَا، فله فيه أربعة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ أَحِجُّوا عَنِّي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنَ الثُّلُثِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقُولَ أَحِجُّوا عني بما اتسع له الحج من الثلث.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ أَحِجُّوا عَنِّي بِالثُّلُثِ.

وَالرَّابِعُ: أن يقول أحجوا عني.

فأما الحال الأول: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنَ الثُّلُثِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَلَا يُنْقَصُ، مَعَ احْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهَا.

ثُمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُسَمِّيَ مَنْ يَحُجُّ بِهَا، أَوْ لا يسميه.

فإن لم يسميه: دفعت إلى من يحج بها واحدا من أفضل ما يوجد. ثُمَّ لَا تَخْلُو الْمِائَةُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، إِمَّا مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ من الميقات، فتدفع إلى وارث، أو غير وَارِثٍ، لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الثُّلُثِ وَصِيَّةٌ، فَهِيَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ، فَلَمْ تَصِرْ لَهُ وصية،

<<  <  ج: ص:  >  >>