للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قصر عنه الثلث، فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمِيقَاتِ. فَإِنْ قَصُرَ عَنِ الْمِيقَاتِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يحج به بطلت الوصية وعادت مِيرَاثًا.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْحَالُ الثَّالِثَةُ: وَهُوَ أَنْ يقول: أحجوا عني بثلثي حجا فيصرف الثلث فيما اتسع من الحج، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ، مَعَ اتِّسَاعِهِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا.

وَلَا يُزَادُ أَحَدٌ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي، لَا مِنْ مِيقَاتِهِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ.

فَإِنِ اتَّسَعَ الثُّلُثُ لِثَلَاثِ حِجَجٍ، فَاقْتَصَرَ في صرفه على حجتين ضمن الموصي الْحَجَّةَ الثَّالِثَةَ فِي مَالِهِ.

فَلَوِ اتَّسَعَ الثُّلُثُ لحجتين، وفضلت فضلة، لم تتسع لحجة ثالثة مِنْ بَلَدِهِ، نُظِرَ فِيهَا.

فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ بِهَا عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِهِ: صُرِفَتْ فِي حَجَّةٍ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يصرف من الميقات وإلا ردت على الورثة ميراثا، ولم يزد عَلَى الْحَجَّتَيْنِ بِخِلَافِ الْفَاضِلِ عَنْ ثَمَنِ الرَّقَبَتَيْنِ، لِأَنَّ أَثْمَانَ الرِّقَابِ تَخْتَلِفُ، فَرُدَّتِ الْفَضْلَةُ فِي أثمانها لوفور الأجر بتوافر أثمانها وأجور الحج غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ.

فَلَوْ أَمْكَنَ صَرْفُ الْفَضْلَةِ فِي عُمْرَةٍ: لَمْ تُصْرَفْ فِيهَا، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي الْحَجِّ، لَا فِي الْعُمْرَةِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْحَالُ الرَّابِعَةُ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَحِجُّوا عَنِّي، وَلَا يَذْكُرُ بِكُمْ، فَيُحَجُّ عَنْهُ حَجَّةً وَاحِدَةً، بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ بَلَدِهِ، لَا مِنْ مِيقَاتِهِ، إِنِ احتمل الثلث ذلك.

وإن لم يحتمل، فمن حيث احتمل الثلث ذلك من الميقات.

وإن لم يحتمل حجة من الميقات: بطلت الوصية، وعادت ميراثا.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي رَجُلًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَعْطُوا مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فُلَانًا وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْحَاجِّ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ، نِصْفُ الثُّلُثِ وَيَحُجُّ عَنْهُ رَجُلٌ بمائة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ: أَحِجُّوا عَنِّي رَجُلًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَعْطُوا مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فُلَانًا، وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ ثَالِثٍ.

فَهَذَا رَجُلٌ قَدْ أَوْصَى بِثُلُثَيْ مَالِهِ. فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ دُفِعَ إلى الموصى له بالثلث ثلث المال كاملا ولا يشاركه فيه أحد، ودفع الثُّلُثِ الْآخَرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، إِلَى الْمُوصَى لَهُ بالحج، بالثلث ولا يشاركه فيه أحد.

فإن بقيت من الثلث بعد ذلك رقبة: دُفِعَتْ إِلَى الْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثلث، وسواء قلت النفقة، أو كثرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>