للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ الْمِائَةِ شيء، فلا شيء إلى الموصى لَهُ بِمَا بَقِيَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ.

فَهَذَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ إِذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ.

فإما إذا لم يجزها: ردت الوصايا كلها إلى الثلث: ثم نظر: فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَمَا دُونَ: فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثلث. وانقسم الثلث الموصى له بالمائة بالحج، وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ نِصْفَيْنِ، يَتَعَادَلَانِ فِيهِ، كَمَا يَتَعَادَلُ أَهْلُ الْوَصَايَا، إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهَا.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِمَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنَ الْمِائَةِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، عَادَتْ مِيرَاثًا، وَلَمْ تَعُدْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَلَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ، بِمَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ.

وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ فِي الْحَجِّ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ، يُعَادِلَانِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَإِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ تُعَادِلُ الْأُخْرَى، فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بينهما نصفين، أو أعطى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ نِصْفَهُ. وَهُوَ السُّدُسُ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصِ الْعَوْلِ: نِصْفُ وَصِيَّتِهِ، لِأَنَّ وصيته، رَجَعَتْ إِلَى نِصْفِهَا.

وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ مِنَ الثُّلُثِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، يُقَدَّمُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ فِي الْحَجِّ، عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِائَتَهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْآخَرُ بَقِيَّتَهُ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بما بقي بعد المائة، لا تستحق قبل كمال المائة لاستحالتها فَعَادَ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِهِ تَوْفِيرًا عَلَى صَاحِبِ المائة، بما يعاد الجد بالأخوة من الأب، توفيرا على الأخ من الأب وَالْأُمِّ.

فَعَلَى هَذَا: إِنْ كَانَ نِصْفُ الثُّلُثِ، مِائَةَ دِرْهَمٍ فَمَا دُونَ، أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ.

وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الثُّلُثِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ، أَخَذَ مِنْهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ، مِائَةَ دِرْهَمٍ كَامِلَةً وَأَخَذَ الْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ الْفَاضِلَ عَلَى الْمِائَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: أن الموصى له بالمائة والحج، وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ يَتَعَادَلَانِ فيه.

وإن كَانَ الثُّلُثُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ: فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِيهِ لو كمل. وإذا عَادَ الثُّلُثُ الَّذِي جُعِلَ لَهُمَا إِلَى نِصْفِهِ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ جُعِلَتِ الْمِائَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِيَكُونَا فِيهِ مُتَسَاوِيَيْنِ.

وَلَوْ كَانَ الثُّلُثَ، مِائَةً وخمسين درهما، فللموصى له بالمائة مثل مَا لِلْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ فَيَكُونُ نِصْفُ الثلث وخمسة وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، لِلْمُوصَى لَهُ بالمائة، نصف ما كان يأخذه من الثلث، وَهُوَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا. وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ: نصف ما كان يأخذه من الثلث، وهو خمسة وعشرون درهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>