للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للموصى له إذا خرج من الثلث وقيل إن الوصية موجودة، وخارجة من الثلث. أهـ.

فَسَوَّى الشَّافِعِيُّ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الثُّلُثَيْنِ مَشَاعًا، وَبَيْنَ ذهاب ثلثها بالسيل تجوزا في أن الوصية تجوز بِالثُّلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ بِالسَّيْلِ.

وَالَّذِي أَرَاهُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ أَنَّ اسْتِحْقَاقِ الثلثين لا يمنع من إمضاء الوصية بالثلث الْبَاقِي كُلِّهِ.

وَذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ مِنْهَا بِالسَّيْلِ يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ الْبَاقِي وَيُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الثُّلُثِ الْبَاقِي.

وَالْفَرْقُ بينهما أن الوصية بالثلث منها هو ما تبع فِي جَمِيعِهَا فَإِذَا اسْتُحِقَّ ثُلُثَاهَا لَمْ يُمْنَعْ أن يكون الثلث الباقي سائغا فِي جَمِيعِهَا فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ فِي جَمِيعِهِ.

وَإِذَا هلك ثلثاها بالسيل، يجوز إن لم يكن الثلث الباقي منها هو الثلث الْمُشَاعَ فِي جَمِيعِهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ بثلث ما بقي وثلث ما هلك فيكون حُكْمُ الْإِشَاعَةِ فِي الْجَمِيعِ بَاقِيًا.

أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ دَارِ جَمِيعُهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ نِصْفَهَا: كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي هُوَ الْمَبِيعُ مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَهَا وَلَكِنْ أَذْهَبَ السَّيْلُ نصفها، كان للمشتري نصف ما بقي بعدما أذهبه السيل منها.

فإن قيل: فليس لَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَأْسٍ مِنْ غَنَمِهِ فَهَلَكَ جَمِيعُهَا إِلَّا رَأْسًا مِنْهَا بَقِيَ: فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَتَعَيَّنُ فِيهِ وَلَا يَكُونُ الْهَالِكُ وَإِنْ كَانَ متميزا من الوصية وغيرها فهلا كان ما ذهب بالسيل مثل ذلك؟ .

قِيلَ الْوَصِيَّةُ بِرَأْسٍ مِنْ غَنَمِهِ يُوجِبُ الْإِشَاعَةَ فِي كُلِّ رَأْسٍ مِنْهَا وَإِنَّمَا جُعِلَ إِلَى الْوَارِثِ أَنْ يُعَيِّنَهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ مِيرَاثِهِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الدَّارِ، لِأَنَّ الثُّلُثَ شائع في جميعها فافترقا.

فإذا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْتُهُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ، وَمَا رَأَيْتُهُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ، تَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ مَا يَصِحُّ بِهِ الْجَوَابَانِ.

فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يخلف رجل ثلاث مائة درهم، وثلاثين دينارا وقيمتها ثلاث مائة دِرْهَمٍ، وَيُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، فَيَكُونُ لَهُ ثلث الدنانير، وثلثا الدراهم.

فإذا أَرَادَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُعْطُوهُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ مِنْ أَحَدِهِمَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ الْمُوصِيَ جَعَلَهُ فِي الْجَمِيعِ مُشَارِكًا [لَهُمْ] .

فَلَوْ تَلِفَ مِنَ الدَّنَانِيرِ عِشْرُونَ، وَبَقِيَ مِنْهَا عَشَرَةٌ:

كَانَ له ثلث العشرة الباقية، وثلث الثلاث مائة درهم كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>