للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجه الثالث: أن الشراء موقوف فَإِنْ أَفَادَ الِابْنُ مَا يُخْرِجُ بِهِ عَنِ الْأَبِ مِنْ ثُلُثِهِ، عُتِقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرِثْهُ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِهِ، عُتِقَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ، وَفِي مِيرَاثِهِ وَجْهَانِ، لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ.

وَإِنْ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا، وَلَا أُبْرِئَ مِنْ ثَمَنِهِ، فُسِخَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ، وَرُدَّ الْأَبُ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ لا يجوز أن يملك الابن أباه، فلا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ فُسِخَ الْعَقْدُ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ: حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ: حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ.

فَعَلَى هَذَا لَوِ اشْتَرَى الِابْنُ أَبَاهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَثَمَنُهُ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يستوعب جميع تركته.

فإن أمضى الغرماء ما أعتقه نَفَذَ، وَإِنْ رَدُّوهُ فَهُوَ عَلَى الرِّقِّ، وَفِي بطلان الشراء وجهان:

أحدهما: باطل، لئلا يستبقى ملك الابن لأبيه.

والوجه الثاني: جَائِزٌ، وَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِ، لِعَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ ثَمَنِهِ.

ثُمَّ يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: لَوْ وُهِبَ أَبُوهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَقَبِلَهُ وَقَبَضَهُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ تَرِكَتِهِ، لَمْ تَبْطُلِ الهبة. وهل ينفذ عتقه، أو يباع دُيُونِ غُرَمَائِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَهْلِكْ عَلَى غُرَمَائِهِ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عِتْقَهُ يُرَدُّ، كما يرد عتق المباشرة، وتباع دُيُونِ غُرَمَائِهِ، لِأَنَّ دُيُونَهُمْ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعِتْقِ في المرض. والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " ولو أوصى بدار كَانَتْ لَهُ وَمَا ثَبَتَ فِيهَا مِنَ أَبْوَابِهَا وَغَيْرِهَا دُونَ مَا فِيهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِذَا كَانَتْ بِالدَّارِ، دَخَلَ فِيهَا كُلُّ مَا كَانَ مِنَ الدَّارِ وَلَهَا. وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ مَا كَانَ في الدار إلا لم يكن منها.

الداخل في الوصية: حيطانها، وسقوفها، وأبوابها المنصوبة عليه، وَمَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا مِنْ زُخْرُفِهَا، وَدَرَجِهَا.

وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا مَا انْفَصَلَ عَنْهَا مِنْ أبوابها، ورفوفها، وسلالمها الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهَا.

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ كُلَّ مَا جَعَلْنَاهُ دَاخِلًا فِي الْبَيْعِ " مَعَهَا " دَخَلَ فِي الوصية [بها] وكل ما جعلناه خارجا عن البيع لم يدخل في الوصية.

ولو كَانَ الْمُوصَى بِهِ أَرْضًا: دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ نَخْلُهَا، وَشَجَرُهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ زَرْعُهَا.

وَلَوْ كَانَ نَخْلُهَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ مُثْمِرًا: لَمْ يَدْخُلْ ثمرها في الوصية إن كان موزا. وفي دخوله فيها إن كان غير موز وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>