للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدٌ يُعْتَقُ مَكَانَهُ. لِأَنَّ قِيمَتَهُ بَدَلٌ مِنْهُ فَصَارَ كَمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَةً فَأَتْلَفَهَا بتلف، صُرِفَتْ قِيمَتُهَا فِي أُضْحِيَةٍ غَيْرِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ، لِخُرُوجِ الْقِيمَةِ عَنْ أَنْ تَكُونَ عَبْدًا، وَخَالَفَ نَذْرُ الْأُضْحِيَةِ لِاسْتِقْرَارِ حُكْمِهَا وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَقِرُّ حُكْمُهُ إِلَّا بِالْعِتْقِ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً: صَحَّ نِكَاحُهَا، وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَالصَّدَاقُ، إِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا.

فَإِنْ زَادَ: رُدَّتِ الزِّيَادَةُ إِنْ كَانَتْ وَارِثَةً، وَأُمْضِيَتْ فِي الثُّلُثِ إِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ.

وهكذا المريضة إذا نكحت رجلا صحيحا صَحَّ نِكَاحُهَا وَوَرِثَهَا الزَّوْجُ، وَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا، إِنْ كان مهر المثل فيما زاد.

فإن نكحته بأقل من صداق مثلها بالمحاباة فالنقصان وصية له فترد إن كان وارثا، وتمضي في الثلث إن كان الزوج غَيْرَ وَارِثٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: نِكَاحُ الْمَرِيضِ فَاسِدٌ، لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ مِيرَاثًا، وَلَا يَجِبُ فِيهِ صَدَاقٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَهَا فَيَلْزَمُهُ مهر المثل من الثلث مقدما عَلَى الْوَصَايَا.

وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْمَرِيضَةِ فَاسِدٌ، وَلَا ميراث للزوج.

وقال الزهري: النِّكَاحُ فِي الْمَرَضِ جَائِزٌ، وَلَا مِيرَاثَ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنْ ظَهَرَ مِنْهُ الإضرار في تزويجه لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الْإِضْرَارُ وَظَهَرَ مِنْهُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فِي خِدْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ.

وَدَلِيلُ مَنْ مَنَعَ مِنْهُ شَيْئَانِ:

أحدهما: وجود التهمة بإدخالهم الضَّرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَصَارَ كَالْمُتْلِفِ لِمَالِهِ فِي مرضه.

والثاني: مزاحمتهم لميراثها ودفعهم على ما ترثه ولدان صار لهما فَصَارَ كَالْمَانِعِ لِلْوَرَثَةِ مِنَ الْمِيرَاثِ.

وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] . وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَحِيحٍ وَمَرِيضٍ، وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مرضه: " زوجوني لئلا ألقى الله عزبا ".

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إِلَّا عَشَرَةُ أَيَّامٍ مَا أَحْبَبْتُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِي زَوْجَةٌ ".

وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الزبير رضي الله عنه دخل على قدامة يعوده، فبصر

<<  <  ج: ص:  >  >>