للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنده بجارية فقال قدامة زوجني بها فقال: ما تصنع بها وأنت على هذه الحالة فقال: إن أنا عشت فثبت الزبير وإن مت فهم أحق من يرثني.

وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ التَّسَرِّي بالإماء لم يمنع من نكاح الحرائر كَالصَّحِيحِ.

وَلِأَنَّهُ فِرَاشٌ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الصَّحِيحُ، فوجب ألا يُمْنَعَ مِنْهُ الْمَرِيضُ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْإِمَاءِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ الْمَرَضُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَقْدُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ أو لشهوة، فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ وَإِنْ كَانَ لِشَهْوَةٍ فَهِيَ مُبَاحَةٌ لَهُ كَمَا أُبِيحُ له أن يلتزم بما شاء من أكل أو لبس.

فأما الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالتُّهْمَةِ وَدُخُولِ الضَّرَرِ فَهُوَ إِنَّ التُّهْمَةَ تَبْعُدُ عَمَّنْ هُوَ فِي مَرَضِ موته لأنه في الأغلب يقصد وجه الله عَزَّ وَجَلَّ وَالضَّرَرُ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ العقود كالبيع ولأنه إن كَانَ ضَرَرًا لِوَرَثَتِهِ فَهُوَ مَنْفَعَةٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ أحق بمنفعة نفسه من منفعة ورثته.

فأما الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ فِيهِ مُزَاحَمَةً لِبَعْضِ الورثة " ودفع " لِبَعْضِهِمْ فَهُوَ أَنَّ مَا لَمْ يَمْنَعِ الصِّحَّةُ مِنْهُ لَمْ يَمْنَعِ الْمَرَضُ مِنْهُ كَالْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ وكالاستيلاء للأمة.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ إِبَاحَةُ النِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى أَرْبَعٍ، كَهُوَ فِي الصِّحَّةِ، وَلَهُنَّ الْمِيرَاثُ، إِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أو غيره.

وأما الصداق، فإن كان مهرهن، صَدَاقَ أَمْثَالِهِنَّ، فَلَهُنَّ الصَّدَاقُ مَعَ الْمِيرَاثِ. وَإِنْ كانت عَلَيْهِ دُيُونٌ، شَارَكَهُنَّ الْغُرَمَاءُ فِي التَّرِكَةِ، وَضَرَبْنَ مَعَهُمْ بِالْحِصَصِ.

وَإِنْ تَزَوَّجَهُنَّ، أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، بِأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا، كَانَتِ الزِّيَادَةُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَصِيَّةً فِي الثُّلُثِ.

فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ وَارِثَةً رُدَّتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.

وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ لِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ، دُفِعَتِ الزِّيَادَةُ إِلَيْهَا، إِنِ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ، وما احتمله منها يتقدم منها عَلَى الْوَصَايَا كُلِّهَا، لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ فِي الْحَيَاةِ.

وَهَكَذَا لَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً، فَمَاتَتْ قبله، صحة الزيادة لها، إِنِ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ، لِأَنَّهَا بِالْمَوْتِ قَبْلَهُ، غَيْرُ وارثة.

فلو كانت حين نكاحها فِي الْمَرَضِ أَمَةً، أَوْ ذِمِّيَّةً، فَأُعْتِقَتِ الْأَمَةُ، وَأَسْلَمَتِ الذِّمِّيَّةُ، صَارَتْ وَارِثَةً، وَمُنِعَتْ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَلَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَمُتْ، صَحَّتِ الزِّيَادَةُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِوَارِثَةٍ، وَغَيْرِ وَارِثَةٍ.

فَعَلَى هَذَا:

لَوْ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ ذِمِّيَّةً عَلَى صَدَاقٍ ألف درهم، وصداق مثلها خمس مائة، ومات،

<<  <  ج: ص:  >  >>