للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ حَيْضِ الْمَرْأَةِ وَطُهْرِهَا وَاسْتِحَاضَتِهَا)

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " قَالَ اللَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) {قَالَ الشَّافِعِيُّ) " مِنَ الْمَحِيضِ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ " (قَالَ الشَّافِعِيُّ) تَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَيْضَ هُوَ مَا يُرْخِيهِ الرَّحِمُ مِنَ الدَّمِ إِذَا كَانَ عَلَى وَصْفٍ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ لَهُ بِسِتَّةِ أَسْمَاءٍ بَعْضُهَا فِي اللِّسَانِ مَذْكُورٌ وَبَعْضُهَا فِي اللُّغَةِ مَشْهُورٌ.

أَحَدُهَا: وَهُوَ أَشْهَرُهَا عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ الْحَيْضُ، وَفِي تَكَلُّفِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ فِي شَرْعٍ أَوْ لُغَةٍ عَنَاءٌ مُسْتَهْجَنٌ وَسُمِّيَ حَيْضًا لِسَيَلَانِهِ مِنْ رَحِمِ الْمَرْأَةِ، مأخوذ من قوله: حاض السبيل، وَفَاضَ إِذَا سَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ عِمَارَةَ بْنِ عقيل:

(أجالت حصاهن الدواري وحيضت ... عليهن حيضات السيول الطواحم)

السيول الجواري الَّتِي تُدِيرُ التُّرَابَ، وَكَذَلِكَ الذَّارِيَاتُ والْهَوَاجِمُ السُّيُولُ الْعَالِيَةُ وَحَيَّضَتْ أَيْ سَيَّلَتْ، وَحَيْضَاتُ السُّيُولِ مَا سَالَ مِنْهَا فَسُمِّيَ بِهِ دَمُ الْحَيْضِ حَيْضًا لِسَيَلَانِهِ.

وَالثَّانِي: الطَّمْثُ وَالْمَرْأَةُ طَامِثٌ، قَالَ الْفَرَّاءُ: الطَّمْثُ الدَّمُ، وَكَذَلِكَ قِيلَ إِذَا افْتَضَّ الرَّجُلُ الْبِكْرَ قَدْ طَمَثَهَا أَيْ أَدْمَاهَا قَالَ اللَّهُ تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ) {الرحمن: ٥٦) .

وَقَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ الْفَرَزْدَقُ:

(دُفِعْنَ إِلَيَّ لَمْ يُطْمَثْنَ قَبْلِي ... وَهُنَّ أصَحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ)

وَالثَّالِثُ: الْعَرْكُ، وَالْمَرْأَةُ عَارِكٌ وَالنِّسَاءُ عَوَارِكُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذَا عَرَكَتِ الْمَرْأَةُ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يُنْظُرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَيُرْوَى إِذَا عَارَكَتْ يَعْنِي: إِذَا حَاضَتْ مَأْخُوذٌ مِنْ عَرَاكِ الرِّجَالِ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

(أَفِي السِّلْمِ أَعْيَارُ أجفاءٍ وغلظةٍ ... وَفِي الْحَرْبِ أَشْبَاهُ النساء العوارك)

<<  <  ج: ص:  >  >>