للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ فِي أموال اليتامى

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَيُخْرِجُ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كُلَّ مَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَجِنَايَتِهِ وَمَا لَا غناء به عَنْهُ مِنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ وَلِيَّ الْيَتِيمِ مَنْدُوبٌ إِلَى الْقِيَامِ بمصالحه، قال تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] .

وَالَّذِي يَلْزَمُهُ فِي حَقِّ الْيَتِيمِ، أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: حِفْظُ أُصُولِ أَمْوَالِهِ.

والثاني: تمييز فُرُوعِهَا.

وَالثَّالِثُ: الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ.

وَالرَّابِعُ: إِخْرَاجُ مَا تَعَلَّقَ بِمَالِهِ مِنَ الْحُقُوقِ.

فَأَمَّا حِفْظُ الْأُصُولِ: فَيَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حِفْظُ الرِّقَابِ عَنْ أَنْ تَمْتَدَّ إِلَيْهَا يَدٌ، فَإِنْ فَرَّطَ، كَانَ لِمَا تَلِفَ مِنْهَا ضَامِنًا.

وَالثَّانِي: استيفاء الْعِمَارَةِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إِلَيْهَا خَرَابٌ، فَإِنْ أَهْمَلَ عِمَارَتَهَا حَتَّى عَطِلَ ضِيَاعُهُ، وَتَهَدَّمَ عَقَارُهُ، نُظِرَ: فإن كان لإعوان مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ وُجُودِ النَّفَقَةِ، فَقَدْ أَثِمَ وَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ وَيَصِيرُ بِهَذَا الْعُدْوَانِ كَالْغَاصِبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ خَرَابَهَا، لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ، فَيَضْمَنُ بِهِ، وَلَا يَدُهُ غَاصِبَةٌ فَيَجِبُ بِهَا عَلَيْهِ ضَمَانٌ.

[فصل:]

وأما تمييز فُرُوعِهِ، فَلِأَنَّ النَّمَاءَ مَالٌ مَقْصُودٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَوِّتَهُ عَلَى الْيَتِيمِ كَالْأُصُولِ، وَهُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ نَمَاؤُهُ أَعْيَانًا مِنْ ذَاتِهِ، كَالثِّمَارِ، وَالنِّتَاجِ، فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا عَادَ يحفظه وَزِيَادَته، كَتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَعُلُوفَةِ الْمَاشِيَةِ.

فَإِنْ أَخَلَّ بِعُلُوفَةِ الْمَاشِيَةِ: ضَمِنَهَا وَجْهًا وَاحِدًا.

وَإِنْ أَخَلَّ بِتَلْقِيحِ الثَّمَرَةِ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَجْهًا وَاحِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>