للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمسألة الثانية: أَنْ يُنْفِذَ سَرِيَّتَيْنِ إِلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَتَكُونُ السريتان مشاركتين للجيش والجيش مشارك لِلسَّرِيَّتَيْنِ، وَهَلْ تَكُونُ إِحْدَى السَّرِيَّتَيْنِ مُشَارِكَةً لِلْأُخْرَى أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَكُونُ مُشَارِكَةً لَهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ جَيْشٍ وَاحِدٍ فَصَارَ الْكُلُّ جَيْشًا وَاحِدًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لِكُلِّ واحد مِنَ السَّرِيَّتَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهَا لَا تُشَارِكُ الْأُخْرَى ولا يشاركها؛ لأن الجيش أصل السريتين وليس إحدى السريتين أصل للأخرى.

[فصل:]

وأما الحالة الأخرى وهو أَنْ يَكُونَ الْجَيْشُ مُقِيمًا وَالسَّرَايَا مِنْهُ نَافِذَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

إِحْدَاهَا: أَنْ يُنْفِذَ الْإِمَامُ مِنْ جُمْلَةِ جَيْشِهِ الْمُقِيمِ سَرِيَّةً فَتَغْنَمُ فَتَخْتَصُّ السَّرِيَّةُ بِغَنِيمَتِهَا وَلَا يَشْرُكُهَا الْجَيْشُ الْمُقِيمُ سَوَاءً أَسْرَتْ إِلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ، لِأَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُنْفِذُ السَّرَايَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَلَا يُشْرِكُهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَلِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لِلْمُجَاهِدِينَ وَلَيْسَ الْمُقِيمُ مُجَاهِدًا.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُنْفِذَ الْإِمَامُ مِنْ جملة جيشه المقيم سريتين إلى وجهة واحدة في طريق واحد أو طريقتين فَتَكُونُ السَّرِيَّتَانِ جَيْشًا وَاحِدًا، أَيُّهُمَا غَنِمَتْ شَارَكَتْهَا الأخرى، ولا يشاركهما الجيش المقيم لكون غَيْرَ مُجَاهِدٍ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُنْفِذَ الْإِمَامُ مِنْ جُمْلَةِ الْجَيْشِ الْمُقِيمِ سَرِيَّتَيْنِ إِلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَقَدْ أَفْرَدَ كُلَّ سَرِيَّةٍ مِنْهُمَا بِقَائِدٍ فَإِنِ اجْتَمَعَتِ السَّرِيَّتَانِ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي غَنَائِمِهَا دُونَ الْجَيْشِ الْمُقِيمِ، وَإِنِ انْفَرَدَتْ كُلُّ سَرِيَّةٍ بِالْجِهَةِ الَّتِي أُنْفِذَتْ إِلَيْهَا لَنْ تُشَارِكَهَا الْأُخْرَى فِي غَنَائِمِهَا، وَلَا يُشَارِكُ الْجَيْشُ وَاحِدَةً مِنْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ السَّرِيَّتَيْنِ إِذَا اخْتَصَّتْ بِجِهَةٍ لَمْ تَكُنْ رِدًّا للأخرى فصارت جيشا منفردا فلو انضم نفرا مِنْ إِحْدَى السَّرِيَّتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى وَغَنِمُوا شَارَكُوهَا فِي غَنَائِمِهِمْ، لِأَنَّهُمْ بِالِانْضِمَامِ إِلَيْهَا قَدْ صَارُوا مِنْ جُمْلَتِهَا فَإِذَا حَازَ النَّفَرُ سَهْمَهُمْ مِنْهَا فَهَلْ يُشَارِكُهُمْ فِيهِ بَاقِي أَصْحَابِهِ مِنَ السَّرِيَّةِ الْأُخْرَى أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُشَارِكُونَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ جَيْشٌ وَاحِدٌ؛ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ بَاقِي السَّرِيَّةِ غَنِمَتْ شَارَكَهُمْ فِيهَا النَّفَرُ الْمُنْفَرِدُ عَنْهُمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ يَخْتَصُّونَ بِمَا أَخَذُوا مِنَ السَّرِيَّةِ الَّتِي انْضَمُّوا إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا صَارُوا مِنْ جُمْلَتِهَا بِالِانْضِمَامِ إِلَيْهَا خَرَجُوا مِنْ جُمْلَةِ سَرِيَّتِهِمْ بِالِانْفِرَادِ عَنْهَا؛ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْبَاقِينَ مِنْ سَرِيَّتِهِمْ غَنِمُوا لَمْ يُشَارِكُوهُمْ كَمَا لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>