للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّافِعِيِّ فِي مَسَاكِينِ جَمِيعِ الْأَقَالِيمِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي مَسَاكِينِ إِقْلِيمِ الثَّغْرِ الْمَغْنُومِ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ.

وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَسْتَوِي بَيْنَهُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَفْضِيلٍ وَلَا يُفَضَّلُ ذَكَرٌ عَلَى أُنْثَى، وَلَا صَغِيرٌ عَلَى كَبِيرٍ، فَإِنِ اجْتَمَعَ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مَسْكَنَةٌ وَيُتْمٌ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ دُونَ الْمَسْكَنَةِ؛ لأن اليتيم صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَالْمَسْكَنَةُ صِفَةٌ زَائِلَةٌ.

وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهُمْ بَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنَ الْخُمُسِ وَبَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ، لِتَمَيُّزِ أَهْلِ الْفَيْءِ عَنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَتَمَيُّزِ مَسَاكِينِ الْخُمُسِ عَنِ مَسَاكِينِ الزَّكَاةِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إليهم من الكفارات فيصير إليهم مالان ويمنعوا مَالًا، وَلَا يَخْتَصُّ الْكَفَّارَاتِ بِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا بَنُو السَّبِيلِ فَهُمُ الْمُسَافِرُونَ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ بِمُلَازَمَةِ سَبِيلِ السَّفَرِ قَدْ صَارُوا كَأَبْنَائِهِ وَهُمْ ضَرْبَانِ: مُنْشِئُ سَفَرٍ، وَمُجْتَازٌ فِيهِ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ يُعْتَبَرُ فِيهِمُ الْحَاجَةُ فِي سفرهم ولا يدفع إِلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَّا أَنَّ النَّاشِئَ لِسَفَرِهِ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَعَ الْفَقْرِ وَالْمُجْتَازُ يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ مَعَ الْغِنَى إِذَا كَانَ فِي سَفَرِهِ مُعْدِمًا ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِمْ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لِبَنِي السَّبِيلِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لِبَنِي السَّبِيلِ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ خَاصَّةً، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لِبَنِي السَّبِيلِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْمَسَاكِينِ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُخْتَصَّ بِهِ بَعْضُ الْمَسَاكِينِ دُونَ جَمِيعِهِمْ.

وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ فِي التَّسْوِيَةِ وَالتَّفْضِيلِ.

والحكم الثالث: أنه يجوز أن يجمع لهم بَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنَ الْخُمُسِ وَبَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّهُ يُخَصُّ بِهِ بَنُو السَّبِيلِ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ؛ فَعَلَى هَذَا يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الثَّلَاثَةُ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ فِي جَمِيعِهِمْ وَلَا يُخَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ؛ فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يُفَرَّقُ فِي بَنِي السَّبِيلِ فِي الْأَقَالِيمِ كُلِّهَا، وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يُفَرَّقُ فِي بَنِي السَّبِيلِ فِي إِقْلِيمِ الثَّغْرِ الْمَغْنُومِ فِيهِ.

وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فِيهِ تَقْسِيطًا عَلَى مَسَافَةِ أَسْفَارِهِمْ فَيَكُونُ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمْ فِي الْبَاطِنِ وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الظَّاهِرِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَايَنُوا الْمَسَاكِينَ الذي يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.

وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهُمْ بَيْنَ سَهْمٍ مِنَ الْخُمُسِ وَبَيْنَ سَهْمٍ مِنَ الزَّكَاةِ، وَتَمَيَّزَ بَنُو السَّبِيلِ فِي الْخُمُسِ عَنْ بَنِي السَّبِيلِ فِي الزَّكَاةِ؛ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ شَخْصًا جَمَعَ بين

<<  <  ج: ص:  >  >>