للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ كُلِّ عَامٍ وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّهُ كَالزَّكَاةِ لَا تَجِبُ فِي الْعَامِ إِلَّا مَرَّةً فَلَمَ يَجُزْ أَنْ يُفَرَّقَ فِي الْعَامِ إِلَّا مَرَّةً، وَفِي الْفَيْءِ مَا قَدْ يُحَصَّلُ فِي السَّنَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، فَجَازَ أَنْ يُفَرَّقَ فِي الْعَامِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ والله أعلم بالصواب.

[مسألة:]

قال الشافعي: " وَإِذَا صَارَ مَالُ الْفَيْءِ إِلَى الْوَالِي ثُمَّ مَاتَ مَيِّتٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَطَاءَهُ أُعْطِيَهُ وَرَثَتُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَيْهِ مَالُ ذَلِكَ الْعَامِ لَمْ يُعْطَهُ وَرَثَتُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعَطَاءِ يَكُونُ بِحُصُولِ مَالِ الْفَيْءِ وَأَدَاؤُهُ يَجِبُ بِحُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ.

وَقَالَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: اسْتِحْقَاقُهُ وَأَدَاؤُهُ يَكُونَانِ مَعًا بِحُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِحُصُولِ الْمَالِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْأَدَاءِ، وَهَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَى مُؤَدِّيهِ لَمْ يَجِبْ بِمُسْتَوْفِيهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَحِلَّ وَقْتُ الْعَطَاءِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ مَالِ الْفَيْءِ عَلَى أَهْلِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَطَاءَ يَتَعَلَّقُ اسْتِحْقَاقُهُ بِعَيْنٍ لَا بِذِمَّةٍ وَفِي اعْتِبَارِ وُجُوبِهِ بِالْوَقْتِ دُونَ الْمَالِ نَقْلٌ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ إِلَى الذِّمَّةِ، فَبَطَلَ تَقْدِيرُ مَا اعْتَبَرَهُ.

وَإِذَا كَانَ حُصُولُ الْمَالِ مُعْتَبَرًا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ حُصُولَهُ هُوَ قَبْضُهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: حُصُولُهُ هُوَ حُلُولُ وُجُوبِهِ عَلَى أَهْلِهِ.

وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ وُجُوبُهُ وَلَا يَحْصُلُ بِمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ، فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا، لَمْ يَخْلُ حَالُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَالِ وَقَبْلَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يَكُونُ حَقُّهُ فِيهِ ثَابِتًا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَالِ وَبَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، فَحَقُّهُ فِيهِ ثَابِتٌ وَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ لئلا يختلفوا.

القسم الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَالِ وَقَبْلَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَكُونُ حَقُّهُ ثَابِتًا فِيهِ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ وَقَبْلَ حُصُولِ الْمَالِ، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَامِدٍ يَكُونُ حَقُّهُ فيه ثابتا يورث عنه.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن فضل من الفيء شيء بعد ما وَصَفْتُ مِنْ إِعْطَاءِ الْعَطَايَا وَضَعَهُ الْإِمَامُ فِي إِصْلَاحِ الْحُصُونِ وَالِازْدِيَادِ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَكُلِّ ما قوي

<<  <  ج: ص:  >  >>