للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: مَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ.

وَالثَّانِي: مَا يَتَرَتَّبُونَ فِيهِ.

فَأَمَّا مَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ فَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْعُرَفَاءُ وَالنُّقَبَاءُ وَاخْتِلَافُ الشِّعَارِ.

فَأَمَّا الْعُرَفَاءُ فَهُوَ أَنْ يُضَمَّ إِلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَكُونُ عَرِيفًا عَلَيْهِمْ وَقَيِّمًا بِهِمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي عَوَارِضِهِمْ، وَيَرْجِعُ الْإِمَامُ إِلَيْهِ فِي تَعَرُّفِ أَحْوَالِهِمْ وَيُضِيفُهُمْ إِلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَغْزَاهُمْ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَرَّفَ عَامَ حُنَيْنٍ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ عَرِيفًا، وَقَدْ سُمِّيَ الْعُرَفَاءُ فِي وَقْتِنَا هَذَا قُوَّادًا.

وَأَمَّا النُّقَبَاءُ فَجَعَلَ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُرَفَاءِ نَقِيبًا؛ لِيَكُونَ لَهُمْ مُرَاعِيًا وَلِأَحْوَالِهِمْ وَأَحْوَالِ أَصْحَابِهِمْ مُنْهِيًا وَلَهُمْ إِذَا ارْتَدُّوا مُسْتَدْعِيًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اخْتَارَ مِنَ الْأَنْصَارِ حِينَ بَايَعَهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا.

وَأَمَّا الشِّعَارُ فَهِيَ الْعَلَامَةُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا كُلُّ قَوْمٍ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي مَسِيرِهِمْ وَفِي حُرُوبِهِمْ حَتَّى لَا يَخْتَلِطُوا بِغَيْرِهِمْ وَلَا يَخْتَلِطَ بِهِمْ غَيْرُهُمْ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي تضافرهم لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ لِلْمُهَاجِرِينَ شِعَارًا وَلِلْأَنْصَارِ شِعَارًا عَلَامَةً مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: الرَّايَةُ الَّتِي يَتَّبِعُونَهَا وَيَسِيرُونَ إِلَى الْحُرُوبِ تَحْتَهَا فَتَكُونُ رَايَةُ كُلِّ قَوْمٍ مُخَالِفَةً لِرَايَةِ غَيْرِهِمْ.

وَالثَّانِي: مَا يُعَلَّمُونَ بِهِ فِي حُرُوبِهِمْ فَيُعَلَّمُ كُلُّ قَوْمٍ بِخِرْقَةٍ ذَاتِ لَوْنٍ مِنْ أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أو أخضر تكون إما عصابة على رؤوسهم، وَإِمَّا مَشْدُودَةً فِي أَوْسَاطِهِمْ.

وَالثَّالِثُ: النِّدَاءُ الَّذِي يَتَعَارَفُونَ بِهِ فَيَقُولُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ يَا آَلَ كَذَا أَوْ يَا آَلَ فُلَانٍ أَوْ كَلِمَةً إِذَا تَلَاقَوْا تَعَارَفُوا بِهَا لِيَجْتَمِعُوا إِذَا افْتَرَقُوا وَيَتَنَاصَرُوا إِذَا أُرْهِبُوا، فَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ سِيَاسَةً وَلَمْ يَكُنْ فِقْهًا، فَهُوَ مِنْ أَبْلَغِ الْأُمُورِ فِي مَصَالِحِ الْجَيْشِ وَأَحْفَظِهَا لِلسِّيَرِ الشَّرْعِيَّةِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا مَا يَتَرَتَّبُونَ فِيهِ فَهُوَ الدِّيوَانُ الْمَوْضُوعُ لِإِثْبَاتِ أَسْمَائِهِمْ وَمَبْلَغِ أَرْزَاقِهِمْ يَتَرَتَّبُونَ فِيهِ بِشَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: النَّسَبُ.

وَالثَّانِي: السَّابِقَةُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى إِذَا دُعُوا لِلْعَطَاءِ أَوِ الْغَزْوِ قُدِّمَ فِيهِ الْمُقَدَّمُ فِي الدِّيوَانِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَضَعَ الدِّيوَانَ عَلَى هَذَا حِفْظًا لِلْأَسْمَاءِ وَالْأَرْزَاقِ.

فَإِنْ قِيلَ لِمَ اسْتَحْدَثَ عُمَرُ وَضْعَ الدِّيوَانِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل محدث بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>