للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرُورَةً، وَقِيلَ: يَبْدَأُ بِمَنْ إِذَا فِيضَ عَلَيْهِمْ سَهْمُهُمْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ لِتُقْضَى عَلَى الْبَاقِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى اسْتِئْنَافِ قِسْمَتِهَا مِنْهُ.

وَقِيلَ: يَبْدَأُ بِمَنْ بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِيهَا، فَأَمَّا الصِّنْفُ فَيَبْدَأُ بِأَسْبَقِ أَهْلِهِ، فَإِنْ جاؤوا مَعًا بَدَأَ بِأَمَسِّهِمْ حَاجَةً وَضَرُورَةً، فَإِنْ تَسَاوَوْا بَدَأَ بِمَنْ يَرَى، هَذَا كُلُّهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، وَبِأَيِّهِمْ بَدَأَ مِنَ الْأَصْنَافِ وَالْأَعْيَانِ جَازَ ثُمَّ يُقَسَّمُ سَهْمُ الْفُقَرَاءِ وَهُوَ أَلْفٌ عَلَيْهِمْ وَهُمْ عَشَرَةٌ بِحَسَبِ حَاجَاتِهِمْ وَيُقَسَّمُ سَهْمُ الْمَسَاكِينِ وَهُوَ أَلْفٌ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ عِشْرُونَ بِحَسَبِ حَاجَاتِهِمْ، ويقسم سهم الغارمين هو أَلْفٌ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ خَمْسَةٌ بِحَسَبِ دُيُونِهِمْ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَيْنُ أَحَدِهِمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ ودين الآخر مائتي درهم، ودين الثالث ثلثمائة دِرْهَمٍ، وَدَيْنُ الرَّابِعِ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَدَيْنُ الْخَامِسِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ مَبْلَغُ دَيْنِهِمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةٍ، وَسَهْمُهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ هِيَ ثُلُثَا دَيْنِهِمْ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ ثُلُثَهُ، وَلَوْ كَانَ سَهْمُهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ لَكَانَ كَافِيًا لِجَمِيعِهِمْ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ جَمِيعَ دَيْنِهِ، وَلَوْ كَانَ سَهْمُهُمْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرَ دَيْنِهِ وَحُبِسَ الْبَاقِي عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا قَسَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ كَمَا وَصَفْنَا لَمْ يَخْلُ حَالُهُمْ مِنْ سِتَّةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ سِهَامُ جَمِيعِهِمْ وَفْقَ كِفَايَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَقَدِ اسْتَوْفَوْهَا وَخَرَجُوا بِهَا، إِنِ اسْتَحَقُّوا مِثْلَهَا مِنْ غَيْرِهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ سِهَامُ جَمِيعِهِمْ مُقَصِّرَةً عَنْ كِفَايَاتِهِمْ، فَإِذَا قَسَّمَهَا فِيهِمْ كَانَ مِنَ الْبَاقِي مِنْ كِفَايَاتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ فِيمَا يَأْتِي مِنْهَا حَتَّى يَسْتَوفُوا قَدْرَ الْكِفَايَاتِ إِنْ أَمْكَنَتْ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ سِهَامُ جَمِيعِهِمْ زَائِدَةً عَلَى قَدْرِ كِفَايَاتِهِمْ فَإِذَا أَخَذُوا مِنْهَا قَدْرَ كِفَايَاتِهِمْ نُقِلَ الْفَاضِلُ عَنْهُمْ إِلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ بِهِمْ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ سِهَامُ بَعْضِهِمْ وَفْقَ كِفَايَاتِهِمْ وَسِهَامُ بَعْضٍ مُقَصِّرَةً عَنْ كِفَايَاتِهِمْ فَإِذَا قَسَّمَ الْكَافِيَ عَلَى أَهْلِهِ خَرَجُوا بِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، وَإِذَا قَسَّمَ الْمُقَصِّرُ عَلَى أَهْلِهِ كَانُوا فِي الْبَاقِي مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ.

وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ سِهَامُ بَعْضِهِمْ زَائِدَةً عَلَى قَدْرِ كِفَايَاتِهِمْ وَسِهَامُ بَعْضِهِمْ نَاقِصَةً عَنْ كِفَايَاتِهِمْ، فَإِذَا فَضَّ النَّاقِصَ عَلَى أَهْلِهِ، وَحَبَسَ مِنَ الزَّائِدِ مَا فَضَلَ عَنْ وَفْقِ الْكِفَايَةِ فَفِي مَصْرِفِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ يَرُدُّ الْفَضْلَ إِلَى أَهْلِ السِّهَامِ الْمُقَصِّرَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعُ الْأَصْنَافِ قَدْرَ كِفَايَاتِهِمْ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْمَكَانِ أَنْ لَا نَنْقُلَ صَدَقَةً إِلَى غَيْرِهِ، وَفِيهِ مُسْتَحِقُّهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ نَنْقُلَ الْفَضْلَ عَنِ السِّهَامِ الزِّائِدَةِ إِلَى تِلْكَ الْأَصْنَافِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ بِهِمْ وَلَا تُرَدُّ عَلَى غَيْرِهِمْ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَعْيَانِ أَنْ لَا يُفَضَّلَ بَعْضُ الْأَصْنَافِ عَلَى بَعْضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>