للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتَّفَقَا، فَاخْتِلَافُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ إِلَيْنَا، وَالْآخَرُ لِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ كَالْعَامِلِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا وَالْغَازِي إِذَا كَانَ مِسْكِينًا، وَاتِّفَاقُهُمَا أَنْ يَكُونَا مَعًا لِحَاجَتِهِ إِلَيْنَا كَالْفَقِيرِ إِذَا كَانَ غَارِمًا وَالْمِسْكِينِ إِذَا كَانَ مُكَاتَبًا، كَمَا أَنَّهُ لَا يُورَثُ أَحَدٌ بِسَبَبَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ كَفَرْضَيْنِ أَوْ نَصِيبَيْنِ، وَيُورَثُ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا يُعْطَى بِهِمَا وَكَانَ فَقِيرًا غَارِمًا خُيِّرَ فِي إِعْطَائِهِ بِأَيِّ السَّبَبَيْنِ شَاءَ مِنْ فَقْرٍ وَغُرْمٍ، فَإِنِ اخْتَارَ أَنْ يُعْطَى بِالْفَقْرِ سُلِّمَ إِلَيْهِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ دَيْنِهِ، وَإِنِ اخْتَارَ أَنْ يُعْطَى بِالْغُرْمِ جَازَ أَنْ يُسَلَّمَ إِلَيْهِ وَجَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَمْرِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّهُمَا أَوْلَى، قُلْنَا: إِنْ كَانَ بِقَدْرِ دَيْنِهِ كُلِّهِ فَأَوْلَى دَفْعُهُ إِلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَالْأَوْلَى دَفْعُهُ إِلَى الْغَارِمِ لَعَلَّهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ فَيَنْمَى، وَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِالسَّبَبَيْنِ أُعْطِيَ بِالْفَقْرِ وَالْغُرْمِ، فَإِنْ كَانَ فِي سَهْمِ الْغُرْمِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ اسْتُبْقِيَ سَهْمُ الْفَقْرِ، وَإِنْ كَانَ يَعْجِزُ عَنْ دَيْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ سَهْمَ الْفَقْرِ لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، واللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ".

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي: " فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ ضُرِبَ عَلَيْهِ الْبَعْثُ فِي الْغَزْوِ وَلَمْ يُعْطَ فَإِنْ قَالَ لَا أَغْزُو وَاحْتَاجَ أُعْطِيَ فَإِنْ هَاجَرَ بَدَوِيٌّ (وَاحتَاجَ) وَاقْتَرَضَ وَغَزَا صَارَ مِنْ أهل الفيء وأخذ فيه ولو احْتَاجَ وَهُوَ فِي الْفَيْءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَاتِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْفَيْءِ وَيَعُودَ إِلَى الصَّدَقَاتِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَهْلَ الْفَيْءِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِمْ مَالُ الْفَيْءِ دُونَ الصَّدَقَاتِ وَأَهْلُ الصَّدَقَاتِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَهْلِ الْفَيْءِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِمْ مَالُ الصَّدَقَاتِ دُونَ الْفَيْءِ، وَضَرْبٌ هُمْ مِنْ أهل الصدقة، فَأَمَّا غُزَاةُ أَهْلِ الْفَيْءِ فَهُمُ الْمُقْتَرِضُونَ فِي دِيوَانِ الْفَيْءِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ فَهُمْ لَا يُعْطَوْنَ أَرْزَاقَهُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَوْا مِنَ الصَّدَقَاتِ، وَأَمَّا غُزَاةُ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ فَهُمُ الْمُتَطَوِّعَةُ مِنَ الْأَعْرَابِ وَأَهْلِ الصَّنَائِعِ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ إِنْ شَاءُوا غَزَوْا وَإِنْ شَاءُوا أَقَامُوا، فَهَؤُلَاءِ إِذَا أَرَادُوا الْغَزْوَ أُعْطُوا مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ مَالِ الْفَيْءِ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: كَانَ أَهْلُ الْفَيْءِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْزِلٍ عَنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ، وَأَهْلُ الصَّدَقَاتِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَهْلِ الْفَيْءِ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ مُعْتَرِضًا فِي دِيوَانِهِ ضُرِبَ عَلَيْهِ الْبَعْثُ فِي الْغَزْوِ أَوْ لَمْ يُضْرَبْ عَلَيْهِ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَالدُّخُولَ فِي أهل الصدقات ليغزوا إِنْ شَاءَ وَيَقْعُدَ عَنْهُ إِنِ اخْتَارَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عَقْدٌ لَازِمٌ وَإِنَّمَا هُوَ جُعَالَةٌ فَيَسْقُطُ رِزْقُهُ مِنْ دِيوَانِ الْفَيْءِ وَيُعْطَى مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ، وَلَوْ أَنَّ أَعْرَابِيًّا مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ هَاجَرَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْ دِيوَانِ الْفَيْءِ جَازَ أَنْ يُقْرِضَهُ الْإِمَامُ فَإِذَا رَآهُ الْإِمَامُ أَهْلًا لِذَلِكَ، خرج من أهل الصدقات.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِقَابٌ وَلَا مُؤَلَّفَةٌ وَلَا غَارِمُونَ ابْتُدِئَ القسْم عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ أَخْمَاسًا على ما وصفت فإن ضاقت الصدقة قسمت على

<<  <  ج: ص:  >  >>