للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فَمُسْتَعْمَلٌ فِي الْمُمَيِّزَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِالتَّمْيِيزِ لِمَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهَا، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمُعْتَادَةِ الَّتِي لَا تَمْيِيزَ لَهَا فَيُسْتَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ فِي موضعه.

وأما ما ذكرنا مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ أَيَّامَ الْعَادَةِ لَا تَكُونُ حَيْضًا، فَإِنْ عَنَى إِذَا خَلَتْ مِنَ الدَّمِ، فَصَحِيحٌ، وَإِذَا أَرَادَ إِذَا اقْتَرَنَ بِهَا الدَّمُ فَفَاسِدٌ، وَهَذِهِ أَيَّامُ عَادَةٍ قَارَنَتْ دَمًا فَلَمْ يسلم للاستدلال.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعَادَةَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ فَقْدِ التَّمْيِيزِ، فَلِلْعَادَةِ ضَرْبَانِ: مُتَّفِقَةٌ وَمُخْتَلِفَةٌ.

فَأَمَّا الْمُتَّفِقَةُ: فَضَرْبَانِ: مُتَّفِقَةٌ بِالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ومُتَّفِقَةٌ بِالتَّمْيِيزِ فَأَمَّا الْمُتَّفِقَةُ بِالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ فَهُوَ أَنْ تَحِيضَ على مرور الشهور في كل شهر عشراً، وَتَرَى بَاقِيَهُ طُهْرًا؛ فَإِذَا أَشْكَلَ حَيْضُهَا فِي هَذَا الشَّهْرِ وَتَجَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ رُدَّتْ إِلَى العشر، وَهِيَ الْعَادَةُ الْمُتَّفِقَةُ بِالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَعَادَتْ صَلَاةَ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا السالفة أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خمسة عشر يوماً أو أوسطه ستاً أو سبعاً رُدَّتْ إِلَى عَادَتِهَا مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِذَا كَانَ قَدْرًا يَكُونُ حَيْضًا، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا رُدَّتْ إِلَى عَادَتِهَا فِي الْأَمْرَيْنِ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، فَيُجْعَلُ حَيْضُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

فَلَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَرَأَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ حَيْضًا وَبَاقِيَ الشَّهْرِ طُهْرًا ثُمَّ أُشْكِلَ دَمُهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَتَجَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَجَبَ رَدُّهَا فِيمَا أُشْكِلَ مَنْ شَهْرِهَا الثَّانِي إِلَى الْعَشَرَةِ الَّتِي حَاضَتْهَا مِنْ قَبْلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ صَارَتِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ لَهَا عَادَةً لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا أَصْحَابُنَا؛ لِأَنَّ فَقْدَ التَّمْيِيزِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَادَةِ، فكان اعتبار عادتها، وإن كانت مَرَّةً أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِ عَادَةٍ غَيْرِهَا ثُمَّ هَكَذَا تُعْتَبَرُ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ فَإِنِ اسْتَدَامَ بِهَا الْإِشْكَالُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ رُدَّتْ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعَادَةِ فِيمَا ثَبَتَ لَهَا مِنَ الْإِشْكَالِ بِالشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْغُسْلُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ أَيَّامِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِشْكَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا، وَانْقِطَاعُ دَمِهَا، وَإِنْ جَاوَزَ قَدْرَ الْعَادَةِ مجوز في أقل من خمسة عشرة.

وَأَمَّا الْمُتَّفِقَةُ بِالتَّمْيِيزِ فَهُوَ أَنْ تَرَى الْمُبْتَدَأَةُ عشرة أيام دما أسود وباقي الشهر دما أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ فَيَكُونُ حَيْضُهَا مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةً بِالتَّمْيِيزِ الْحَاصِلِ لَهَا ثُمَّ تَرَى كَذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>