للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ عَدَالَةُ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا فيحكم بها فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفِي ثُبُوتِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ عَدَالَةُ ظَاهِرِهِمَا دُونَ بَاطِنِهِمَا فَلَا يَحْكُمُ بِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْعَقْدِ فَإِنْ شهد بعقد النكاح بهما شاهدا عدل حينئذٍ بِثُبُوتِ الْعَقْدِ وَصِحَّتِهِ فَيَكُونُ صِحَّةُ الْعَقْدِ بِهِمَا بِعَدَالَةِ ظَاهِرِهِمَا وَثُبُوتُهُ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمَا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ فِسْقُهُمَا فَلَا يَخْلُو حال الفسق من ثلاثة أقسام:

أحدهما: أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ وُجُودُ الْفِسْقِ وَقْتَ الْعَقْدِ فالنكاح باطل.

والقسم الثاني: أن يتبن لَهُ حُدُوثُ الْفِسْقِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَا يَفْسُدُ بِحُدُوثِ فِسْقِهِمَا لَكِنْ لَا يَحْكُمُ بِثُبُوتِهِ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِهِ عدلان أنه عقد بهما فيحكم حينئذ ثبوته.

فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يَشْهَدُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ بِهِمَا عدلان غيرهما؟ ولو حضره عدلان غيرهما لاستغى بِهِمَا عَنْ غَيْرِهِمَا.

قِيلَ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقِرَّ الزَّوْجَانِ عِنْدَ عَدْلَيْنِ أَنَّهُمَا عَقَدَا النِّكَاحَ بِهَذَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ فِسْقُهُمَا فِي الْحَالِ وَلَا يَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ وَلَا حُدُوثَهُ والنكاح عَلَى الصِّحَّةِ لَا يَحْكُمُ بِفَسَادِهِ لِجَوَازِ حُدُوثِ الْفِسْقِ مَعَ سَلَامَةِ الظَّاهِرِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ " حَتَّى يُعْلَمَ الْجَرْحُ وَقْتَ الْعَقْدِ " وَإِذَا لَمْ يَحْكُمُ بِفَسَادِهِ لَمْ يَحْكُمْ بإثباته إِلَّا بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمَا.

فَصْلٌ

فَإِذَا أَقَرَّ الزَّوْجَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُمَا عَقَدَا النِّكَاحَ بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وشاهدي عدل حكم عليهما بصحة النكاح بناء على إقرارهما وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ عَدَالَةِ الشَّاهِدِينَ وَرُشْدِ الْوَلِيِّ فلو تناكر الزوجان من بعد أو ادَّعَى أَحَدُهُمَا سَفَهَ الْوَلِيِّ وَفِسْقَ الشَّاهِدِينَ أَلْزَمَهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِسَابِقِ إِقْرَارِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ حُدُوثُ إِنْكَارِهِ فَلَوْ قَالَ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بما ادعيت من سفه الولي وفسق الشاهدين لم يسمعهما منه؛ لأن إِقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةٍ أُكَذِّبُهَا بِهِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ أَنَّهُمَا عَقَدَاهُ بَوْلِيٍّ وَشَاهِدِي عَدْلٍ، وَقَالَ الشَّاهِدَانِ بَلْ كُنَّا وَقْتَ الْعَقْدِ فَاسْقِينَ حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِإِقْرَارِ الزوجين ولم يلتفت إلى قول الشاهدين فلو اختلف الزوجان فقالت الزوجة: عقدناه بشاهدين فاسقين، وَقَالَ الزَّوْجُ: عَقَدْنَاهُ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وهو قول الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُمَا عَدْلَانِ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَصْحِبٌ لِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجَةِ إِنَّهُمَا فَاسِقَانِ وَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَصْحِبَةٌ أَنْ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: كَانَ الشَّاهِدَانِ فَاسِقِينَ وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: كَانَا عَدْلَيْنِ، فَالنِّكَاحُ قَدِ ارْتَفَعَ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ وَلَكِنْ فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>