للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحجب الْأَخَ، وَإِذَا حَجَبَهُ بَطَلَ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ وَإِذَا بَطَلَ قَبُولُهُ بَطَلَ عِتْقُ الِابْنِ وَإِذَا بَطَلَ عِتْقُهُ سَقَطَ مِيرَاثُهُ فَلَمَّا أَدَّى ثُبُوتُ مِيرَاثِهِ إلى سقوط عتقه وبطلانه ثبت العتق وسقط الْمِيرَاثُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَدَّعِيَ عَبْدَانِ عَلَى سَيِّدِهِمَا العتق، وهو منكر فيشهد لَهُمَا شَاهِدَانِ بِالْعِتْقِ فَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِمَا ثُمَّ يَشْهَدُ الْمُعَتَقَانِ بِجَرْحِ الشَّاهِدِينَ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا بِالْجَرْحِ مَرْدُودَةٌ، لِأَنَّهَا لَوْ قُبِلَتْ فِي الْجَرْحِ رَدَّتْ شَهَادَةَ الشَّاهِدِينَ بِالْعِتْقِ، وَصَارَ الْمُعَتَقَانِ عَبْدَيْنِ مَرْدُودِيِ الشَّهَادَةِ، فَلَمَّا أَدَّى قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا إِلَى رَدِّهَا وَإِبْطَالِ الْعِتْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا وَثَبَتَ الْعِتْقُ وَلِذَلِكَ مِنَ النَّظَائِرِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا أَمْثِلَةً يُؤَدِّي دَوْرُهَا إِذَا ثَبَتَ إِلَى سُقُوطِهَا فَلَمْ يثبت - وبالله التوفيق -.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَوَ بَاعَهَا إِيِّاهُ بألفٍ لَا بِعَيْنِهَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَعَلَيْهَا الثَّمَنُ وَالنِّكَاحُ مفسوخٌ مِنْ قبلها وقبل السيد ".

قال الماوردي: وهذه المسألة الثانيةمن ابتياعها لزوجها إن ابتاعته بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِانْعِقَادِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَالنِّكَاحُ قَدْ بَطَلَ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ وَمِلْكَ الْيَمِينِ لَا يَجْتَمِعَانِ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا فَأُثْبِتُ أَقْوَاهُمَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ ابْتِيَاعِهَا لَهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَصَدَاقُهَا قَدْ سَقَطَ لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ مِنْ جِهَتِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِذَا سَقَطَ الصَّدَاقُ بَطَلَ ضَمَانُ السَّيِّدِ لَهُ، لِأَنَّ الضَّمَانَ فَرْعٌ لِأَصْلٍ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ الْمَضْمُونُ فَبَرِئَ الضَّامِنُ مِنْهُ وَلِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا الْأَلْفُ الَّذِي اشترت بها زوجها ولا مطالبة لها بصداقها.

فَصْلٌ

وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ ابْتِيَاعِهَا لَهُ، فَقَدِ اسْتَقَرَّ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا بالدخول على الزوج قد ملكته فصار عبداً لها، قبل تبرأ الزوج منه بحدوث ملكها أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ بَرِئَ مِنْهُ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَصِحُّ أَنَّ يَثْبُتَ لَهُ فِي ذِمَّةِ عَبْدِهِ مَالٌ فَعَلَى هَذَا قَدْ بَرِئَ السَّيِّدُ مِنْ ضَمَانِهِ لِبَرَاءَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلِلسَّيِّدِ مُطَالَبَتُهَا بِالْأَلْفِ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَبْرَأُ مِنْ صَدَاقِهَا، وَإِنْ صَارَ عَبْدًا لَهَا لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ مِلْكِهَا لَهُ فَلَمْ يَسْقُطْ إِلَّا بِأَدَاءٍ أَوْ إِبْرَاءٍ، وَإِنْ صَارَ لَهَا عَبْدًا، وَإِنَّمَا لَا يَثْبُتُ لَهَا ابْتِدَاءً فِي ذِمَّتِهِ مَالٌ بَعْدَ أَنْ صَارَ لَهَا عَبْدًا، فَأَمَّا أَنَّ يكون الحق ثابتاً فلا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمِلْكِ بَاقِيًا فَعَلَى هَذَا لَهَا عَلَى السَّيِّدِ الْأَلْفُ الَّذِي هُوَ صداقها، وللسيد عليها الألف التي هي ثمن زوجها، فإن كانت الألفان من نقدين مختلفين لم يصر قصاصاً، وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى السَّيِّدِ الْأَلْفَ التي هي ثَمَنُ زَوْجِهَا وَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا الْأَلْفَ الَّذي هِوَ صَدَاقُهَا.

فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَدْفَعُ مَا عَلَيَّ حَتَّى أقبض مالي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لأحد المالين بالآخر، فأيهما بَدَأَ بِالْمُطَالَبَةِ قُضِيَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالدَّفْعِ فإن تبارءا من

<<  <  ج: ص:  >  >>