للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مالك، وأبي ثور - أنهم سَوَاءٌ وَلَا يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ فِي الْمِيرَاثِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأُمَّ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَتَرَجَّحْ مَنْ أَدْلَى بِهَا، لِأَنَّ الْمُدَلَّى بِهِ أَقْوَى مِنَ الْمُدَلِّي وَلَيْسَ كَالْمِيرَاثِ الَّذِي يُقَدَّمُ فِيهِ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْأَخِ للأب، لأن للأم في الميراث مدخل فَلِذَلِكَ يُرَجَّحُ مَنْ أُدْلَى بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ ولاية النكاح تختص بِهَا الذُّكُورُ فَلَمْ يَتَرَجَّحْ فِيهَا مَنْ أَدْلَى بِالْإِنَاثِ كَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة -، إِنَّ الْأَخَ للأب والأم أَحَقُّ بِالْوِلَايَةِ مِنَ الْأَخِ لِلْأَبِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْأُمِّ كَالتَّقَدُّمِ بِدَرَجَةٍ بِدَلِيلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ كما يحجب ابن الأخ.

والثاني: للأخت مع الأب من الأم وَالْأُمِّ السُّدُسُ كَمَا يَكُونُ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ وَإِذَا كَانَ الْإِدْلَاءُ بِالْأُمِّ كَالتَّقَدُّمِ بدرجة بهذين البلدين وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالْوِلَايَةِ، وَقَدْ عَبَّرَ الْمُزَنِيُّ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ الْمُدْلِيَ بِالْأَبَوَيْنِ أقرب من أدلى بأحدهما استشهاداً بِالْوَصَايَا فِيمَنْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِهِ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَالْآخَرُ لِأَبٍ أَنَّهُ يَكُونُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ اتِّفَاقًا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْقُرْبِ، فَكَذَلِكَ وِلَايَةُ النِّكَاحِ فَهَذَا وَجْهٌ.

والثاني: أن الأخ للأب والأم ادلائه بالسببين واشتراكهما فِي الرَّحِمَيْنِ أَكْثَرُ إِشْفَاقًا وَحُبًّا مِمَّنْ تَفَرَّدَ بِأَحَدِهِمَا فَصَارَ بِمَعْنَى الْوِلَايَةِ أَخَصَّ وَبِطْلَبِ الْحَظِّ فِيهَا أَمَسَّ كَمَا كَانَ الْأَبُ لِاخْتِصَاصِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَحَقَّ بِهَا مِنْ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ وَهَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي أَحَقِّهِمَا بِهَا قَوْلَانِ وَهَكَذَا فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ لِلدَّيَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخٌ لِأَبٍ قَوْلَانِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ عَلَى قَوْلَيْنِ.

فَأَمَّا في الميراث، وَالْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فِي هَذِهِ المسائل الثلاث أحق من الأخ للأب.

فَصْلٌ

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي الْأَخَوَيْنِ فَهَكَذَا بَنُوهُمَا فَيَكُونُ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ فِي أَحَقِّهِمَا بِالْوِلَايَةِ قَوْلَانِ وهكذا بنو أبي الأخوين وإن سفلوا وإن اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ دَرْجُهُمْ قُدِّمَ الأقرب إن كان للأب فَيَكُونُ الْأَخُ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنَ ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُ، وَهَكَذَا الْأَعْمَامُ وبنوهم الإخوة وبنيهم فالعم للأم لا ولاية له لخروجه من العصبات وإن تَفَرَّدَ بِهَا عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَانَتِ الْوِلَايَةُ له، وَإِنِ اجْتَمَعَا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ الْقَدِيمُ - أَنَّهُمَا سَوَاءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>