للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِصَابَتِهِ وَإِنْ كَانَ نِكَاحُهُ قَدْ تَأَخَّرَ فَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِارْتِفَاعِ الشُّبْهَةِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِهِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْكُفْءِ فِي زَمَانِ عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أن يكون الزوجان معاً كفئين فلا يخلو حال نكاحهما من خمسة أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَيُعْلَمَ أَيُّهُمَا هُوَ السَّابِقُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقَعَ النِّكَاحَانِ مَعًا وَلَا يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.

وَالثَّالِثُ: أن يَشُكَّ هَلْ وَقَعَ النِّكَاحَانِ مَعًا أَوْ سَبَقَ أحدهما الآخر.

والرابع: أن يشك أيهما هو السابق.

والخامس: أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَيَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ أَنَّهُ هُوَ السَّابِقُ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ: أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ويعلم أيهما هو السابق بالنكاح لأسبق الزوجين عقداً والنكاح الثَّانِيَ الْمَسْبُوقُ بَاطِلٌ سَوَاءً دَخَلَ هَذَا الثَّانِي بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ: شُرَيْحٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: أبو حنيفة، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: النِّكَاحُ لِلْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الثَّانِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِنِكَاحِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ النِّكَاحُ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ: عَطَاءٌ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: الزُّهْرِيُّ اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بن عبيد الله زوج أخته بيزيد بْنِ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ وَزَوَّجَهَا أَخُوهَا يَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِالْمَدِينَةِ فَدَخَلَ بِهَا الْحَسَنُ، وَهُوَ الثَّانِي مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بما تقدم من نكاح بيزيد فَقَضَى مُعَاوِيَةُ بِنِكَاحِهَا لِلْحَسْنِ بَعْدَ أَنْ أَجْمَعَ مَعَهُ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ فَصَارَ مَنْ سِوَاهُمْ مَحْجُوبًا بإجماعهم؛ ولأنه قد تساوا العقدان في أن يفرد كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيَ مَأْذُونٌ لَهُ وِيَرْجِعُ الثاني أيما تَعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَلُحُوقِ النَّسَبِ فَصَارَ أَوْلَى وَأَثْبَتَ مِنَ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي الْمِلْكِ إِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِتَصَرُّفٍ وَيَدٍ كَانَ أَوْلَى كذلك الزوجات

ودليلنا قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالمُحْصِنَاتُ مِنَ النَّسَاءِ} (النساء: ٢٤) يَعْنِي ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ فَنَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهَا كَالْأُمِّ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَحِلَّ بِالدُّخُولِ كَمَا لَا يَحِلُّ غَيْرُهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.

وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا " ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>