للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّاكِنُ الْمَأْمُونُ الْعَدْوَى، وَلَا يُزَوِّجَهَا مَجْذُومًا، وَلَا أَبْرَصَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُمَا وَرُبَّمَا حَدَثَ مِنْهُمَا عَدْوَى إِلَيْهَا وَإِلَى الْوَلَدِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " فِرُّوا مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكُمْ مِنَ الْأَسَدِ ".

وَلَا يُزَوِّجَهَا خَصِيًّا وَلَا مَجْبُوبًا لِنَقْصِهِمَا بالخصا، وَالْجَبِّ عَنْ كَمَالِ الِاسْتِمْتَاعِ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا تَزْوِيجُ بِنْتِهِ الْكَبِيرَةِ بِأَحَدِ هَؤُلَاءِ فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَيَجِبُ اسْتِئْذَانُهَا فَإِنِ اسْتَأْذَنَهَا فِيهِمْ وَأَعْلَمَهَا بِهِمْ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهَا فِيهِمْ لَمْ يَجُزْ وَإِنِ اسْتَأْذَنَهَا فِيهِمْ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، لِأَنَّهُ عَنْ إِذْنٍ كَالثَّيِّبِ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ استئذانها يجب وأشبهت الصَّغِيرَةَ.

فَصْلٌ

فَإِنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ بِمَنْ فِيهِ أَحَدُ هَذِهِ الْعُيُوبِ، وَكَانَتْ هِيَ مِنْ ذَوَاتِ هذه العيوب فعلى ضربين:

أحدهما: أن يختلف عيبهما أن يكون الزوج مجذوماً وهي برصاء. أو مجنوناً وهي رتقاء فلم يجز.

والضرب الثاني: أن يتماثل عيبهما فَيَكُونَا مَجْنُونَيْنِ أَوْ أَبْرَصِيْنِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجُوزُ لِتَكَافُئِهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ يُؤَمَنُ الْمَجْنُونُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُؤَمَنُ عَلَى غَيْرِهِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا وَزَوَّجَ بِنْتَهُ بِمَنْ لَا يَجُوزُ أَنَّ يُزَوِّجَهَا بِهِ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهِمْ عَالِمًا بِعُيُوبِهِمْ فَالنِّكَاحُ باطل، لأنه أقدم على عقد هو مَمْنُوعٌ مِنْهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِعُيُوبِهِمْ وَنَقْصِهِمْ فَفِي الْعَقْدِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: باطل لما ذكرنا.

والثاني: جائز ويستحق فيه خِيَارُ الْفَسْخِ، لِأَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ مَا يَرَاهُ مَعِيبًا بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ ولكن يوجب خيار الفسخ، فعلى هذا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي الْحَالِ أَوْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى خِيَارِهَا إِذَا بَلَغَتْ، فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَ لِيَسْتَدْرِكَ بِالْفَسْخِ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ موقوفاً على خيارها إذا بلغت فيه؛ لِأَنَّ لَهَا فِي الْعَقْدِ حَقًا فَلَمْ يَكُنْ للأب تفويته عليها بفسخه.

<<  <  ج: ص:  >  >>