للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن يلحق بها وَلَدُهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَدُهَا لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَمُوتَ بِالْوِلَادَةِ، أَوْ لَا تَمُوتَ، فَإِنْ لَمْ تَمُتْ بِالْوِلَادَةِ فليس عليها قِيمَتُهَا، لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى رِقِّ الِابْنِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهَا وَأَخْذِ ثَمَنِهَا وَإِنْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَفِي وُجُوبِ قِيمَتِهَا عَلَيْهِ لِأَجْلِ اسْتِهْلَاكِهِ لها لا أجل كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ قَوْلَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ " الْغَصْبِ ".

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ غُرْمُ قِيمَتِهَا، لِتَلَفِهَا بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ غُرْمُ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ نُشُوءَ الْوَلَدِ الَّذِي حَدَثَ بِهِ موتها ليس من فعله ولجواز أن يكون موتها بغيره، فعلى هذا إن قبل الأول إنَّهُ غَارِمٌ لِلْقِيمَةِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مَا كانت من وقت الوطئ المحبل، وإلى وَقْتِ التَّلَفِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ وَلَمْ تَمُتْ ضِمْنَ نَقْصَ قِيمَتِهَا كَالْمَغْصُوبَةِ.

وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ قِيمَتِهَا وَلَا ضَمَانُ نَقْصِهَا، فَهَذَا حُكْمُ ضَمَانِهَا إِذَا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ ولدها.

فأما إذا لحق بها وَلَدُهَا، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا لَهُ أُمَّ وَلَدٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْعُلُوقِ، لِأَنَّهَا بِهِ صَارَتْ أُمَّ ولد، وسوء مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ أَوْ لَمْ تَمُتْ، وَسَوَاءً كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا وَجْهَ لِمَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَيْنَ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ كَوَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّنَا جَعَلْنَاهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ لِحُرْمَةِ الْوَلَدِ بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَاسْتَوَتِ الْحَالُ في يساره وإعساره ولو جعلناها في اعتبار الْوَاطِئِ أُمَّ وَلَدٍ لَأَدْخَلْنَا على الشريك الضرر ولم ترفعه عنه، وإن لم يجعلها لِلْأَبِ أُمَّ وَلَدٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَمُوتَ بِالْوِلَادَةِ فَيَلْزَمُهُ غُرْمُ قِيمَتِهَا قَوْلًا وَاحِدًا بخلاف التي لم تلحق بِهِ وَلَدُهَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ وَلَدَ هَذِهِ لَاحِقٌ بِهِ فَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهَا مُتَّصِلًا بِهِ وَوَلَدُ تِلْكَ غَيْرُ لَاحِقٍ بِهِ فَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهَا مُنْفَصِلًا عَنْهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لا تموت فلا يلزمها قيمتها مدة لَا فِي حَالِ الْحَمْلِ وَلَا بَعْدَ الْوَضْعِ وقال أبو حامد الإسفراييني: يُؤْخَذُ بِقِيمَتِهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ إِلَى أَنْ تَضَعَ، فإذا وضعت استرجع القيمة، لأن لابن مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهَا بِإِحْبَالِ الْأَبِ لَهَا لِكَوْنِ وَلَدِهَا حُرًّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مَعَ الْوَلَدِ لِحُرِّيَّتِهِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ وَلَدِهَا فِي الْبَيْعِ، لِأَنَّ بَيْعَ الْحَامِلِ دُونَ وَلَدِهَا لَا يَصِحُّ، فَصَارَتْ مَمْنُوعَةً مِنْ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ فَجَرَى عَلَيْهَا حُكْمُ الْمَغْصُوبَةِ إِذَا أَبِقَتْ يُؤْخَذُ الْغَاصِبُ بِقِيمَتِهَا حَتَّى إِذَا عَادَتْ رُدَّتِ الْقِيمَةُ كَذَلِكَ هَذِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ، وَتَعَذُّرِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ، وَالْعَيْنُ هَاهُنَا مَوْجُودَةٌ وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>